في دلالة الأمر على المرّة أو التكرار وعدمها
وهذا النزاع يأتي ، سواء قلنا بأنّ المراد من المرّة الفرد أو الدفعة ، ومن التكرار الأفراد أو الدفعات. كما أنّ النزاع غير مبتن أيضا على ما يأتي : من أنّ الأمر متعلّق بالطبائع أو الأفراد ؛ وذلك لأنّ الفرد هناك إنّما هو بمعنى أنّ الخصوصيّة الفرديّة داخلة تحت حيّز الأمر ، بخلاف القول بالطبائع فإنّ الخصوصيّات من لوازم الوجود لا دخل لها بالمأمور به. وهذا بخلاف الفرد في المقام ، فإنّ المراد به الوجود الصرف فهو غير مبنيّ عليها كما أفاد صاحب الكفاية قدسسره (١).
وكيف كان ، ففي مثل الصلاة والصوم لا يفرق بين القول بالدفعة والفرد أصلا.
نعم ، في مثل الإكرام ـ مثلا ـ يتحقّق الفرق بين القولين فيما لو أكرمه بإكرامات عديدة دفعة واحدة ، فعلى القول بالمرّة لم يتحقّق الامتثال لعدم تحقّقها ، بخلافه على القول بالدفعة.
وينبغي أن يعلم أنّ مثل الأمر الذي ينحلّ بانحلال الأفراد مثل قوله : «إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور والصلاة» مثلا هو خارج عن محلّ النزاع كلّية ، إذ هو ليس معناه : أنّ الأمر للتكرار ، بل الأمر الكلّي ينحلّ إلى أفراده.
وكيف كان ، فلا دلالة للأمر على المرّة ، كما لا دلالة لها على التكرار ، وإنّما تدلّ على طلب الطبيعة ؛ وذلك لأنّ الدلالة المدّعاة إمّا أن تدّعى من مادّة الصيغة أو هيئتها ، وكلّ منهما غير تامّ.
أمّا المادّة : فلأنّها مشتركة بين صيغة الأمر وبقيّة المشتقّات ، ولو دلّت على وحدة أو تكرار لدلّت عليه في الجميع ، مع أنّه لم يدّع ذلك أحد أصلا.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ١٠١ ـ ١٠٢.