في مقتضى الأصل في دوران الوجوب بين النفسيّة والتخييريّة والعينيّة وما يقابلها
والكلام في مقتضى الأصل العملي حيث يكون الدليل لبيّا أو لفظيّا لا إطلاق فيه كما إذا كان المتكلّم في مقام الإهمال أو الإجمال في ذيل مبحث البراءة والكلام هنا في مقتضى الأصل اللفظي.
ذهب صاحب الكفاية قدسسره إلى التمسّك بالإطلاق حيث تتمّ مقدّماته في إثبات كون الوجوب نفسيّا تعيينيّا عينيّا (١) بدعوى أنّ ما يقابلها يحتاج إلى ذكر قيد ، فإنّ الوجوب الغيري يحتاج إلى إضافة «إن وجب الغير» والتخييري محتاج إلى قوله : «إن لم تأت بذاك» والكفائي محتاج إلى قوله : «إن لم يؤدّه غيرك» فبمقتضى الإطلاق تنفى هذه القيود وبه يثبت ما يقابلها.
وقد أشكل عليه بعضهم بأنّ الإطلاق لا يستفاد منه أزيد من الجامع بين الوجوب النفسي والغيري (٢) ؛ إذ الوجوب النفسي كالغيري محتاج إلى قيد ، وليس كما ذكره قدسسره : من كون الوجوب النفسي غير محتاج إلى قيد ليكفي الإطلاق ، فإنّ بين الوجوبين مباينة ؛ مباينة الماهيّة بشرط شيء والماهيّة لا بشرط ، فالوجوب النفسي مثلا محتاج إلى إضافة قوله : «وإن لم يجب غيره».
ويمكن الجواب عن ذلك بأنّه متين لو اريد به إثبات الوجوب النفسي ، ولكن أصل الوجوب معلوم حسب الفرض ، والمقصود إثبات خصوصيّته فقط ، فإذا كان اللفظ مطلقا حسب الفرض فمقتضى إطلاقه أنّ المولى يريد هذا العمل سواء وجب غيره أم لم يجب ، ولازم ذلك هو الوجوب النفسي ، ولوازم الاصول اللفظيّة حجّة.
وبهذا الكلام عينا يتمّ الاستدلال في إثبات الوجوب العيني دون الكفائي ، والتعيّني دون التخييري فلا حاجة إلى التكرار.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ١٣٦.
(٢) لم نقف عليه.