من خلفه» (١) فإنّها توجب تضييق أحكام الشكّ ، ولكنّ المقام لا يدلّ دليله على أكثر من الحكومة الظاهريّة ، وأنّ هذا الحكم الظاهري ما دام الشكّ ، فمقتضى ما ذكرنا هو أنّه إذ انكشفت مخالفته للحكم الواقعي أن لا يلتزم بالإجزاء.
وأمّا مسألة من صلّى جاهلا بنجاسة بدنه أو ثوبه ثمّ انكشف بعد الفراغ من الصلاة له ذلك ، ففتوى العلماء بالإجزاء فيها إنّما هو لقيام أدلّة خاصّة تدلّ على ذلك ؛ ولذا لا يفرق فيها بين القطع بالطهارة أو قيام البيّنة أو قول ذي اليد ، بل ظاهر الأدلّة أنّ المانع إنّما هو العلم بالنجاسة ، فمع الغفلة أيضا لو صلّى لكانت صلاته صحيحة وإن لم يحرز فيها طهارة الثوب والبدن ، فافهم.
[المقام الثاني] : فيما لو انكشفت مخالفة الحكم الظاهري بالتعبّد
وهو على قسمين أيضا ، إذ تارة يكون مستند الحكم الظاهري قطع المكلّف ، واخرى يكون مستنده أمارة.
فالكلام في القسم الأوّل مثل أن يقطع مثلا بأنّ لفظ «الصعيد» اسم لمطلق وجه الأرض ثمّ ينكشف بواسطة أمارة شرعية أنّه اسم لخصوص التراب ، كما يتّفق أن يقطع المجتهد ثمّ يظهر له بواسطة أمارة مخالفة قطعه لرواية تعبّدية أو لدليل تعبّدي آخر. والظاهر اتّفاق الأصحاب على عدم الإجزاء حيث تكون الشبهة موضوعيّة والخلاف في الحكميّة.
ويرد عليهم ـ كما عن الميرزا النائيني قدسسره (٢) ـ أنّه ما وجه التفرقة بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة ليتّفقوا على عدم الإجزاء في الأوّل ويختلفوا في الثانية مع اتّحاد المأخذ؟ والظاهر عدم الإجزاء وكون المقام خارجا عن محلّ الكلام ؛ إذ ليس في المقام حكم ظاهري ليدخل تحت محلّ الكلام.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٤٠ ، الباب ٢٤ من أبواب الخلل ، الحديث ٨ ولفظه هكذا : ليس على الإمام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.