قاعدة الاشتغال تحتّم عليه الإعادة ، ولكن موضوع القضاء تحقّق الفوت ولم يحرز ، لاحتمال إتيان الواقع فتجري قاعدة البراءة ؛ لأنّه من الشكّ في التكليف.
وليعلم أنّ محلّ الكلام فيما لو ارتفع اجتهاد المجتهد السابق بحيث لا يفتي الآن بالحكم السابق الذي كان يراه. أمّا لو تبدّل مستند الحكم السابق مع بقاء رأيه كما إذا استند إلى رواية تدلّ على عدم وجوب السورة في الصلاة التي هي قوله عليهالسلام : «يجزئك فاتحة الكتاب في صلاتك كلّها» (١) ثمّ بعد مدّة اطّلع على روايات تعارض هذه الرواية وتدلّ على وجوب قراءة سورة بعد الحمد ثمّ استند أيضا في عدم وجوب السورة إلى أصالة البراءة فهنا الاجتهاد لم يتبدّل وإنّما تبدّل المستند. هذا كلّه بناء على الطريقيّة. وأمّا بناء على السببيّة.
في الإجزاء بناء على السببيّة وعدمه
فنقول قبل الخوض في ذلك : إنّ السببيّة على أقسام على ما ذكرها الشيخ الأنصاري قدسسره (٢) :
القسم الأوّل : السببيّة الأشعرية ، وهي المنسوبة إلى الأشاعرة وإن لم نجدها في كتبهم ، وهي أنّ الله تعالى بحسب اطّلاعه وإحاطته جعل الأحكام على طبق ما يرتئيه المجتهد ويؤدّي إليه نظره ، فيجعل وجوب الجمعة يوم الجمعة في حقّ هذا المجتهد ومقلّديه ، ويجعل عدم الوجوب في حقّ الثاني ومقلّديه أيضا. وهذا القسم مع إجماع الإماميّة على فساده وتواتر أخبارهم به (٣) ادّعى العلّامة الحلّي قدسسره استحالته (٤) ؛
__________________
(١) انظر الوسائل ٤ : ٧٣٤ ، الباب ٢ من أبواب القراءة ، الحديث ٣. وفيه : أنّ فاتحة الكتاب تجزئ وحدها في الفريضة.
(٢) انظر مطارح الأنظار ١ : ١٣٥ ـ ١٣٧ ، وفرائد الاصول ١ : ١١٢ ـ ١١٦.
(٣) انظر الكافي ١ : ٢١٦ ، الحديث الأوّل ، و ٥٩ : الحديث ٢.
(٤) انظر نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٣٩.