الأمر الثاني :
لو قلنا بالسببيّة الملازمة للإجزاء وإمكانها ودار حجّيّة الأمارات بين هذه السببيّة الممكنة وبين الطريقيّة ، فقد ذكر الآخوند قدسسره أنّ مقتضى القاعدة لزوم الإعادة في الوقت ؛ لأنّه يشكّ في استيفاء مصلحة الواقع ، فقاعدة الاشتغال تقتضي لزوم الإعادة في الوقت ؛ لعدم إحراز الإتيان بالواقع ولا ببدله. ولا يجب القضاء خارج الوقت ؛ لعدم إحراز موضوعه وهو الفوت ، فإنّه يشكّ في الفوت ؛ إذ على تقدير السببيّة فلا فوت. ومجرّد احتمال عدم الفوت يوجب الشكّ في لزوم القضاء (١).
(وللنظر فيما أفاده من لزوم الإعادة في الوقت مجال واسع ؛ إذ على السببيّة الأشعرية لا واقع غير ما قامت عليه الأمارة وأدّى إليه نظر المجتهد ، فأيّ واقع يشكّ في استيفاء مصلحته؟ وكذا على السببيّة المعتزليّة ؛ إذ المفروض أنّ قيام الأمارة يوجب محو الواقع ، فأيّ مصلحة فائتة؟
فالظاهر أنّ القول بالسببيّة بالمعنيين المذكورين ملازم للإجزاء. نعم ، السببيّة بالمعنى الثالث كالطريقيّة في عدم الإجزاء ، فإذا دار الأمر بين السببيّة والطريقيّة يكون المكلّف شاكّا في توجّه التكليف نحوه فيتمسّك بالبراءة) (٢).
الأمر الثالث :
في أدلّة القول بالإجزاء :
فمنها : لزوم الهرج والمرج لو قلنا بعدم الإجزاء ولزوم العسر والحرج في ذلك ، فإنّ من صلّى عشرين عاما ـ مثلا ـ باجتهاده ثمّ تبدّل اجتهاده إلى وجوب السورة التي كان بانيا في اجتهاده السابق على عدم وجوبها وعمله عليه ، فمثل هذا لو كلّف بالإعادة لزم العسر والحرج.
وفيه : أنّ العسر والحرج لا يصلحان حجّة للقول بالإجزاء ، إذ هما يتبعان
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١١ ـ ١١٢.
(٢) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.