ثمّ إنّه بهذا التقسيم ظهر أن لا حاجة إلى تقسيم المقدّمة إلى عقليّة وشرعيّة وعاديّة ؛ إذ العقليّة هي المقدّمة الخارجيّة ، والشرعيّة هي الداخليّة بالمعنى الأعمّ ، والعاديّة إن اريد بها ما تفعل عادة من دون توقّف كما في الدرج التي يكون ارتفاعها شبرا مثلا المتوسّطة بين درجتين مثلها فمعلوم أنّها خارجة لعدم التوقّف ، وإن اريد ما يتوقّف عليها الواجب ، لكن من جهة استحالة أمر آخر عادة كما في الصعود إلى السطح بالسلّم لغير الطائر من جهة استحالة الجناح للإنسان عادة ، فيؤول إلى العقليّة أيضا.
كما ظهر أنّ تقسيمها إلى مقدّمة وجود ومقدّمة صحّة ومقدّمة علم ومقدّمة وجوب أيضا لا مقتضى له ؛ إذ مقدّمة الوجود هي المقدّمة العقليّة ، ومقدّمة الصحّة هي الشرط ، ومقدّمة الوجوب خارجة عن محلّ الكلام ؛ إذ قبل وجودها لا وجوب وبعده يحصل الوجوب لذي المقدّمة ، ولكنّها لا معنى لوجوبها حينئذ لتحصيل الحاصل ، ومقدّمة العلم أيضا خارجة لكونها مقدّمة للعلم بتفريغ الذمّة الواجب عقلا ، لا أنّها مقدّمة للواجب الشرعي حقيقة ، بل مقدّمة للعلم بحصول الواجب.
وبالجملة ، هذان التقسيمان لا وجه لهما ، لخروج بعض أقسامهما عن محلّ الكلام ، والباقي هو المقدّمة الخارجيّة والداخليّة بالمعنى الأعمّ وإن غيّرت ألفاظهما بألفاظ أخر ، فافهم.
في ذكر المقدّمة المقارنة والمتقدّمة والمتأخّرة
ذكر صاحب الكفاية قدسسره تقسيم المقدّمة إلى المقارنة والمتقدّمة والمتأخّرة ، ثمّ ذكر الإشكال في المقدّمة المتأخّرة المعبّر عنها بالشرط المتأخّر ، بدعوى أنّ الشرط من أجزاء العلّة وبما أنّه يجب تقدّم العلّة بجميع أجزائها على المعلول فكيف يتأخّر الشرط ويتحقّق معلوله قبله؟ ثمّ سرّى الإشكال في المقدّمة المتقدّمة ، بدعوى لزوم