فيحصل الامتثال وسقوط الأمر بالمأمور به نفسه ولا يتوقّف على حصول الشرط أصلا ، نعم يكون ذلك كاشفا ، فافهم فإنّه دقيق.
وبما أنّ هذه المسألة من عويصات المسائل فلا بأس بزيادة توضيحها ، فنقول : إنّ اتّصاف الزمان بالسبق واللحوق أمر واقعي ذاتي له ، فالليل مثلا متأخّر عن النهار واقعا والنهار متقدّم عليه حقيقة ، وليس تقدّم النهار وتأخّر الليل أمرا دائرا مدار الاعتبار ، بل هو أمر حقيقي واقعي. وأمّا الزمانيات فالتقدّم والتأخّر فيها أيضا أمر واقعي ، إلّا أنّه ليس أمرا ذاتيا وإنّما تتّصف الزمانيات الغير التدريجيّة بالتقدّم والتأخّر بلحاظ نفس الزمان ، فنقول : وجود زيد قبل وجود عمرو ، ووجود عمرو بعد وجود زيد ، فالبعديّة والقبليّة فيهما أمر واقعي ، إلّا أنّه ليس ذاتيّا لهما ، بل من جهة نفس الزمان.
إذا عرفت ذلك ، فشرط المأمور به ـ كما عرفت ـ ليس إلّا تقيّد المأمور به في مقام الأمر ، ونتيجة ذلك هو كون متعلّق الأمر هو خصوص هذه الحصّة الملحوقة مثلا بذلك الشيء ، وهذه الحصّة الملحوقة بذلك الشيء في الواقع وبحسب علم الله تعالى كانت متّصفة بكونها ملحوقة مثلا بذلك الشيء المعبّر عنه بالشرط ، فبمجرّد إتيانها سقط الأمر لحصول متعلّقه وحصل الغرض المقصود من ذلك ، غاية الأمر أنّ المكلّف لا يعلم بذلك ، فحصول الشرط بعد ذلك يكون محصّلا للعلم للمكلّف بذلك ، فهو كاشف عن تحقّق الإطاعة في ظرفها وعن سقوط الأمر في وقته. وحينئذ فالشرط هو اتّصاف هذا العمل بالملحوقيّة بذلك الزماني وهي أمر حقيقي ـ كما عرفت ـ وواقعي حاصل للمأمور به حين حصوله.
الكلام في شرائط الحكم التكليفي والوضعي
ومعلوم ـ كما تقدّم ـ أنّ الإشكال في تأخّر شرط الحكم إنّما يتمّ لو قلنا بحصول الحكم التكليفي والوضعي قبل حصول الشرط. أمّا لو قلنا بأنّ الحكم لا يترتّب إلّا