الأمر المتأخّر شرط إكرامه له لا نفس الأمر المتأخّر ؛ ولذا قد لا يتوسّط له إلى السلطان مع تحقّق الإكرام منه لزيد ، وقد يتوسّط وإن لم يكرمه ، فنفس علمه هو الشرط لا ذلك الأمر المتأخّر ، وحينئذ فهو مقارن ، فليس متأخّرا ليلزم الإشكال ، وتسميته بالشرط المتأخّر باعتبار أنّ المتأخّر طرف إضافته.
أقول : لا يخفى أنّ للحكم مقامين :
أحدهما مقام الجعل ، والآخر مقام المجعول.
أمّا مقام الجعل : فهو مقام الإنشاء عند الآخوند قدسسره كأن يقول : «الخمر نجس» ومعلوم أنّ الحكم في هذا المقام مجعول بنحو القضيّة الحقيقيّة ، فلا يفتقر إلى خمر في الخارج أصلا. وهذا الحكم لا يرتفع إلّا بالنسخ.
وأمّا مقام المجعول : وهو مقام المنشأ والفعليّة عند الآخوند ، فهو مقام وجود موضوع الحكم في الخارج كأن يتحقّق فرد من أفراد الخمر في الخارج فبتحقّقه يتحقّق الحكم في مرتبة الفعليّة ، ولا يرتفع إلّا بارتفاع موضوعه في الخارج ، فقد يعبّر عن موضوعه بموضوع الحكم كما في الخمر ، وقد يعبّر عنه بشرط الحكم كما في الاستطاعة ، وقد يعبّر عنه بسبب الحكم كما في الزوجيّة فإنّها سبب حلّية الوطء مثلا ، ولم نطّلع على السبب الباعث لتغيير هذه الأسماء بالإضافة إلى الموضوع الواحد. هذا كلّه في القضايا الحقيقية.
وأمّا الخارجية : فلا شرط لها إلّا قدرة المكلّف عليها ، لفرض وجود موضوعها خارجا والحكم فيها مفتقر إلى تصوّر المولى وغيره من مقدّمات العمل الاختياري ولا يتوقّف على شيء مربوط بالغير ، لخروجه حينئذ عن كونه اختياريّا ، ولا يعقل فيه الشرط المتأخّر ، لكنّه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، فافهم.
إذا عرفت ما ذكرنا ، فما ذكره الآخوند قدسسره ـ من كون الحكم من الأفعال الاختياريّة للحاكم فلا بدّ من تصوّره بأطرافه ، ولا يعقل تعليقه واشتراطه بأمر