في الوجوب النفسي والغيري
وثمرة الكلام في ذلك إنّما تظهر في مقام الشكّ في الواجب أنّه نفسي أو غيري ، فعلى تقدير كونه واجبا غيريّا لا يجب لسقوط ما وجب له بأحد موجبات السقوط ، بخلاف ما لو كان واجبا نفسيّا ، فإنّ سقوط أحد الواجبين النفسيين للعجز عنه لا يقتضي سقوط الواجب الآخر ، وهذا ظاهر. والكلام في الدوران يقع في ثلاثة مواضع :
الأوّل : في تقسيم الواجب إليهما وتعريفهما.
الثاني : فيما يقتضيه الأصل اللفظي من النفسيّة أو الغيريّة.
الثالث : ما يقتضيه الأصل العملي.
أمّا الكلام في المقام الأوّل فقد عرّف الواجب الغيري ـ كما في الكفاية (١) ـ بأنّه ما كان الداعي فيه التوصّل إلى واجب آخر لا يمكن التوصّل بدونه إليه ، ويقابله النفسي. ثمّ أشكل صاحب الكفاية عليه بأنّه يقتضي كون جلّ الواجبات ـ لو لا الكلّ ـ غيريّة ؛ لأنّها واجبة على مذهب العدليّة للمصالح الإلزاميّة المترتّبة عليها المقدورة بالواسطة ، أي بواسطة القدرة على سببها. نعم ، خصوص المعرفة بالله واجبة لحسنها الذاتي ، أمّا غيرها فالجميع بمقتضى هذا التعريف غيريّة. وبهذا عدل
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٥ ـ ١٣٦.