والظاهر أنّ مخالفته لا توجب عقابا بنفسها كما ذكر ؛ إذ لا فرق مع ترك الواجب النفسي بين الإتيان بمقدّماته وعدم الإتيان بها إلّا أنّ موافقة الواجب الغيري إذا اسندت إلى الله فتقرّب بها إلى الله تعالى وأتى بها بما أنّها مقدّمات ذلك الواجب النفسي يثاب العبد عليها قطعا ؛ إذ مناط الثواب النفسي بعينه موجود فيه وهو القرب. فما ذكره الآخوند من عدم الثواب عليها لا وجه له. نعم ليس نفس الأمر الغيري مسبّبا له بل القربة هي المسبّبة لذلك ، وعلى ذلك يحمل ما ورد من الثواب على المقدّمات كالمشي لزيارة الحسين عليهالسلام والحج والجهاد وغيرها (١).
الإشكال في الطهارات الثلاث :
وبناء على ترتّب الثواب على امتثال الأمر الغيري فإشكال ترتّب الثواب على الطهارات لا وقع له ؛ إذ هي كغيرها من الواجبات الغيريّة يثاب العبد عليها إذا تقرّب بها ، إلّا أنّ هنا إشكال آخر. ملخّصه أنّ الأمر الغيري توصّلي يكتفى بإتيان ذات العمل في سقوطه فلم يعتبر قصد القربة في سقوط أمره؟
وقد اجيب عنه بوجوه :
أحدها ما في الكفاية (٢) من أنّ بها أمرا نفسيّا صيّرها عبادة ، والأمر الغيري توجّه إلى ما هو عبادة ، فالإتيان بها بغير قربة ليس إتيانا بمتعلّق الأمر الغيري ، نظير ما لو أمر الوالد ولده أو المولى عبده بصلاة الليل ، فإنّ أمرهم مع كونه توصّليّا لا يسقط إلّا بإتيان متعلّقه ، وهو الصلاة المتقرّب بها. أمّا غير المتقرّب بها فلا يأمر المولى بها ولا يدعو الأمر إليها ؛ إذ الأمر لا يدعو إلّا إلى متعلّقه ، فافهم.
__________________
(١) انظر كامل الزيارات : ١٣٢ ـ ١٣٥ ، الباب ٤٩ وص ١٤٤ ، الباب ٥٧ ، والكافي ٤ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، الحديث ٣٧.
(٢) كفاية الاصول : ١٣٩ ـ ١٤٠.