(وثانيا : أنّ ما ذكر من المقدّمتين لا يستلزم قصد التوصّل ، وإنّما يستلزم التفات المكلّف إلى المقدّمة وإن أتى بها بقصد آخر ، كأن يلتفت إلى وجوب الصلاة وإلى توقّفها على إزالة نجاسة الثوب مثلا ولكنّه يغسل الثوب بقصد أن يذهب إلى المحلّ الفلاني بثوب طاهر من غير أن يقصد بغسله الصلاة أصلا.
وأمّا المقدّمة الثانية فغير تامّة ؛ لأنّ العجز عن بعض أفراد الماهيّة لا يخرجها عن الوجوب ؛ لأنّ الوجوب منوط بالقدرة على بعض أفراد الماهيّة ، فيتوجّه التكليف بالماهيّة ، فالذات التي يترتّب عليها الواجب مثلا يكون هو الواجب وإن لم يقصد به التوصّل ، فافهم.
واحتمل الميرزا النائيني كون مقصود الشيخ الأنصاري اعتبار قصد التوصّل في الامتثال كما ذكرنا ، واحتمل أيضا أن يكون كلامه مخصوصا بخصوص صورة المزاحمة مع الحرام حيث تكون المقدّمة محرّمة ، فيرتفع التحريم مع أهميّة ذي المقدّمة عن خصوص المقدّمة المقصود بها التوصّل ؛ لتحقّق التزاحم بين الحرام النفسي والواجب الغيري.
والحقّ : أنّ التزاحم إنّما هو بين الواجب النفسي والحرام النفسي ، فإذا كان الأوّل أهمّ قدّم فتجب ذات المقدّمة الموصلة ؛ لأنّها التي يتوقّف وجوده عليها لا ما قصد بها التوصّل وإن لم توصل. نعم يكون معذورا إذا قصد بها ذلك ولم توصل كما صحّ أن يكون متجرّيا لو لم يقصد التوصّل وأوصلت اتّفاقا) (١).
في ثمرة القول باعتبار قصد التوصّل :
وقد ذكر صاحب التقريرات (٢) في المقام ثمرات :
الاولى : إنها لا تقع على وجه الصحّة إذا لم يقصد بها التوصّل إلى ذي المقدّمة ، فمن وجب عليه الصلاة إلى أربع جهات إذا صلّى إلى جهة بانيا على الاكتفاء بها يلزم
__________________
(١) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٣٥٤.