وثانيا : أنّ الكلام في صحّة نهي المولى عن بعض المقدّمات ؛ إذ لو كانت الملازمة ثابتة بين الجميع لكان نهي المولى محالا عقلا ، فصحّة نهيه دليل عدم ثبوت الملازمة على الإطلاق ، وهذا المقدار كاف لصاحب الفصول في إثبات دعواه ؛ ولذا لا يجوز النهي عن خصوص الموصلة أو مطلق المقدّمة ، فهو دليل الملازمة ولو في الجملة كما في الثاني.
وأمّا الثاني فينبغي أن يعدّ من كبوة الجواد ؛ ضرورة أنّ صاحب الفصول لم يعتبر الإيصال قيدا في الوجوب وإنّما اعتبره قيدا للواجب كما نقله عنه هو قدسسره ، وأنّ الإيصال قيد لوقوعها على صفة الوجوب ، وحينئذ فالجواز للمقدّمة المحرّمة موقوف على الوجوب وهو متحقّق وإن كان الإيصال شرطا للواجب ولوقوعه على صفة الوجوب ، نعم لو كان الإيصال شرطا للوجوب تمّ ذلك الإيراد وليس كذلك.
أدلّة القائلين بوجوب مطلق المقدّمة :
ثمّ إنّه قد استدلّ جماعة على وجوب مطلق المقدّمة لا خصوص الموصلة واستحالة التخصيص بها. ولنبدأ بكلام صاحب الكفاية قدسسره (١) وقد استدلّ بامور :
الأوّل : أنّ إيجاب المولى للمقدّمة ، لا بدّ أن يكون لغرض ، ولا غرض إلّا حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدّمة ، وإذا كان الغرض هو الإمكان لذي المقدّمة فهو مترتّب على مطلق المقدّمة ، ومع عموم الملاك لا وجه لاختصاص الوجوب بخصوص الموصل.
والجواب : أنّ المقدّمة هي ما لولاها لما أمكن ذو المقدّمة ، فكيف تكون الغاية من إيجابها حصول ما لولاه لما أمكن ذو المقدّمة؟ وهل يكون معناه إلّا أنّ الغرض من إيجاب المقدّمة هو وجود المقدّمة؟
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٥.