تحرير الكلام في ما اختاره صاحب هداية المسترشدين :
بقي الكلام فيما اختاره صاحب الحاشية (١) وقوّاه الميرزا النائيني قدسسره (٢) فإنّهما بعد أن حكما باستحالة القول بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة للزوم الدور أو التسلسل كما تقدّم اختارا نتيجة كلام صاحب الفصول ، غير أنّه بتقريب آخر وهو موقوف على مقدّمتين :
إحداهما : أنّ استحالة تقييد وجوب المقدّمة بالموصلة يستدعي استحالة الإطلاق ؛ لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة الذي يعتبر فيه قابليّة المحلّ لكلّ من الأمرين لا تقابل الإيجاب والسلب ، وحينئذ فلا بدّ من كون الحكم بوجوب المقدّمة مهملا.
الثانية : أنّ الغرض من إيجاب المقدّمة لمّا كان هو الوصول إلى ذي المقدّمة فلو كانت المقدّمة محرّمة فإنّما يرتفع تحريمها حيث يترتّب ذلك الغرض ، أمّا حيث لا يترتّب الغرض فلا يرتفع التحريم لعدم المقتضي له ، فهما في النتيجة وافقا صاحب الفصول من أنّ التحريم إنّما يرتفع حيث توصل المقدّمة ، إلّا أنّ صاحب الفصول ادّعى اختصاص الوجوب بها وهؤلاء ادّعوا أنّ الوجوب متّجه نحو المقدّمة المهملة ولكن ارتفاع التحريم إنّما يكون تابعا للغرض ، فيختصّ الوجوب به من جهة الغرض ، فحكموا بوجوب خصوص الموصلة من باب الترتّب.
وتقريب الترتّب كان بنحوين :
أحدهما : ما ذكره صاحب الحاشية (٣) من جعل الحرمة مترتّبة على عدم تحقّق الوجوب المقدّمي ، فحكم بكون المقدّمة واجبة حيث توصل وإلّا فهي محرّمة ، فحكم
__________________
(١) هداية المسترشدين ٢ : ١٧٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٤٨ ـ ٣٥١.
(٣) هداية المسترشدين ٢ : ١٧٨ ، وانظر الصفحة : ٢٢٨ أيضا.