ومن ثمّ يقال للإنسان مثلا : لا تترك الصلاة ، وليس المراد به تحريم الترك بل المراد به الأمر بالفعل وإنّما يعبّر بهذا اللفظ تجوّزا.
في الضدّ الخاصّ :
إذا أمر المولى بإزالة النجاسة من المسجد مثلا فهل يقتضي هذا الأمر المنع عن كلّ أمر يضادّه في الوجود أم لا؟
أمّا دعوى العينيّة والجزئيّة فالظاهر أنّه لم يدّعهما أحد من القائلين بالاقتضاء ، نعم ادّعى جماعة الاقتضاء من جهة الدلالة الالتزاميّة ، وقد ادّعوا أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ التزاما لوجهين :
أحدهما : أنّ فعل المأمور به ملازم لترك ضدّه والمتلازمان يستحيل اختلافهما في الحكم.
وقد فصّل الميرزا النائيني قدسسره (١) فقبل ما ذكر في الضدّين اللذين لا ثالث لهما كما في الحركة والسكون ، بناء على أنّ السكون أمر وجودي لا أنّه منتزع من عدم الحركة.
والجواب عن دليل المشهور : أنّ المتلازمين يستحيل أن يختلفا في الحكم ، فلا يمكن أن يكون استقبال القبلة واجبا واستدبار الجدي حراما في العراق مثلا ، بل ولا مرخّصا في تركه ترخيصا فعليا ، إلّا أنّ اتّفاقهما في الحكم ليس بلازم بل يجوز أن يكون أحدهما واجبا والآخر غير محكوم بحكم أصلا ، بل جعل الحكم على طبق حكم الملازم لغو ؛ لعدم الحاجة إليه.
ولو تمّ ما ذكر من لزوم الاتّفاق في الحكم للزم أيضا في الملازم للشيء من طرف واحد ، كما في حركة الجسم مع القيام ، فإنّ القيام يلزمه حركة الجسم ولكن
__________________
(١) فوائد الاصول ١ و ٢ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤.