استحالة وجود المتناقضين ، فالضدّ لذلك الشيء أيضا في رتبته ؛ لأنّه ضدّه ، وإذا كان في رتبته فهو في رتبة عدمه ؛ إذ المفروض اتّحاد رتبة وجوده وعدمه ، فما كان في رتبة أحدهما فهو في رتبة الآخر بقياس المساواة ؛ إذ قد فرض تساوي وجود الشيء وعدمه في الرتبة ، فما يكون مساويا لأحدهما يكون مساويا للآخر ، وقد فرضنا أنّ ضدّ ذلك الشيء مساو له في الرتبة ؛ لأنّه ضدّه ، والضدّان متساويان في الرتبة ، كما إذا كان زيد مساويا لعمرو ، وعمرو مساو لبكر فزيد مساو لبكر أيضا بقياس المساواة الذي هو من الاصول الموضوعيّة في علم الهندسة (*).
والجواب كما أفاده بعض المحقّقين (١) وهو : أنّ المساواة بحسب الرتبة وبحسب الطبع لا يلزم فيهما ذلك ، نعم إنّما يكون مساوي المساوي مساويا والمتقدّم على المساوي متقدّما على مساويه والمتأخّر عن المساوي متأخّرا عن مساويه بحسب الزمان ، وأمّا بحسب الرتبة والطبع فلا ؛ إذ التأخّر بحسب الرتبة تابع لملاكه وهو الترشّح ، مثلا المعلول متأخّر عن علّته رتبة فلا يلزم أن يكون نفس المعلول متأخّرا عن عدم علّته رتبة ؛ إذ لا يترشّح المعلول عن عدم علّته ، كما لا يكون عدم المعلول في رتبة وجود علّة المعلول ؛ لأنّ عدم المعلول لا يترشّح من وجود علّة تحقّق المعلول ، مع أنّ قياس المساواة وارد في الجميع ، وكذا التقدّم الطبعي ؛ فإنّ تقدّم الواحد على الاثنين في الرتبة لا يقتضي تقدّم الواحد على عدم الاثنين فيها ؛ إذ هو مناطه التقدّم بحسب الوجود ، وليس الواحد متقدّما وجودا على عدم الاثنين ، نعم هو متقدّم على الاثنين.
__________________
(*) قد ارتضى في الدورة اللاحقة هذا الوجه الذي ذكره في الكفاية وزعم أنّ ما ذكر في الجواب لا يرد عليه ؛ لأنّ مراد صاحب الكفاية أنّ وجود الضدّ في كلّ رتبة عدم ضدّه في رتبته فلا يكون مقدّمة له.
(١) لم نعثر عليه.