الوجه الخامس : ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره أيضا (١) وهذا الوجه هو الوجه الصحيح وعليه نعتمد في منع كون الضدّ مانعا لوجود ضدّه.
وملخّصه : أنّ الضدّ الموجود لا بدّ من تحقّق علّته بتمام أجزائها ، فالمقتضي موجود والشرط أيضا موجود ولا مانع له ، فالضدّ الثاني إن لم يكن له مقتض فهو معدوم لعدم المقتضي ، وإن كان له مقتض فإن كان مساويا لمقتضي الضدّ الأوّل فلازمه التمانع وعدم تحقّق أحدهما في الوجود ، والمفروض تحقّق الأوّل ، فلابدّ من كون مقتضيه أقوى ، وحينئذ فوجود المقتضي الأقوى هو المانع من تحقّقه في الخارج ، فالمزاحم هو المقتضي للضدّ لا نفس الضدّ ، فلا تمانع بين نفس الضدّين ليكون أحدهما مانعا عن وجود الآخر ، بل التمانع دائما بين المقتضيين أنفسهما لا المقتضيين ، وحينئذ فلا مانعيّة بالنسبة إلى نفس وجود الضدّ فليس عدمه من المقدّمات. وهذا الوجه عند التأمل هو الذي ينبغي أن يعوّل عليه في منع مانعيّة الضدّ فتأمّل.
وممّا يؤيّد ذلك وأنّه لا مقدّميّة أنّه لو كان وجود أحد الضدّين موقوفا على عدم الضدّ الآخر لكان من جهة مانعيّة الضدّ ، وحينئذ فيكون عدم الضدّ موقوفا على وجود الضدّ الآخر ؛ ضرورة تحقّق المانعيّة من الطرفين ، وهذا هو الدور الصريح.
بيان ذلك : أنّ البياض إذا كان موقوفا على عدم السواد ـ لفرض وجود مقتضيه وشرطه ـ فعدم السواد أيضا موقوف على تحقّق البياض ، وهذا هو الدور الصريح ؛ إذ فرض عدم الضدّ في مرتبة العلّة ينافي فرضه في مرتبة المعلول.
فلو ذهب الذاهب إلى أنّ العدم غير موقوف على وجود الضدّ فليس هو إلّا لأنّ الضدّ ليس بمانع وهو يرفع المقدّمية من أصلها.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٤.