ثمّ إنّه يقع الكلام في أنّ الحادث هل يحتاج في بقائه إلى علّة أم لا ، الظاهر أنّه بعد أن كان البقاء ممكنا فلا بدّ من حاجته إلى علّة ومؤثّر.
وما يقال : من أنّ الحجر إذا القي في مكان يبقى ولا يزول فليس إلّا لأنّ علّة الحدوث لا يحتاج معها إلى علّة البقاء.
مدفوع : بأنّ عدم زوال الحجر لكون العلّة وهي جاذبيّة الأرض له مقارنة ، ومع مقارنة العلّة يستمرّ المعلول قطعا. ونظير ذلك ما لو لصق مسمار بالمغناطيس فإنّه يبقى ملتصقا ؛ لأنّ الجاذبية فيه مقارنة لبقائه فيستمرّ المعلول لاستمرار علّته وهو واضح.
ثمّ لو سلّمنا أنّ الباقي غير محتاج في بقائه إلى مؤثّر فهو في الامور التكوينيّة كما في المثال المذكور ، أمّا الامور الاختياريّة فمعلوم دورانه مدار تحقّق الإرادة والاختيار ؛ إذ لا معنى لكون الأمر الاختياري باقيا بغير اختيار ، وحينئذ فالإزالة في المقام مع أجزاء الصلاة التي هي فعل اختياري من قراءة وركوع وسجود إن تحقّق المقتضي لكلّ من الإزالة والقراءة لا يتحقّق أحدهما ، وإن وجد المقتضي لأحد الأمرين فعدم الثاني لعدم مقتضيه لا لوجود المانع فافهم ، وتأمّل فإنّ المقام من مزالّ الأقدام.
الكلام في شبهة الكعبي :
وذلك أنّه أنكر غير الحكمين الإلزاميّين من الوجوب والتحريم بدعوى أنّه يجب ترك الحرام ، وترك الحرام موقوف على الاشتغال ببعض الأفعال الوجودية ؛ لاستحالة خلوّ المكلّف من كلّ فعل.
والجواب : أنّا ذكرنا أنّ ترك شيء لا يتوقّف على فعل ضدّه كالعكس ، بل إنّ ترك الشيء إنّما يكون لعدم مقتضيه ، نعم لو علم أنّه لو ترك أحد الأعمال لا بدّ أن يقع في الحرام فالعقل يدرك أنّه لا بدّ له أنّ يشتغل بأحد الأعمال لئلّا يقع في الحرام فيستحقّ العقاب ، وحكم العقل هنا ليس من باب المقدّميّة وإنّما هو فرارا عن محذور الحرام ، فافهم.