أحدهما ؛ فإنّ قدرة المكلّف حينئذ لا يمكن صرفها فيهما معا ، فإن صرفها في صلاة الكسوف انتفى موضوع صلاة الظهر ؛ لعدم كونه قادرا حينئذ. وهذا بخلاف باب التعارض فإنّ تقديم أحدهما تعيينا أو تخييرا يوجب أن ينتفي حكم الآخر عن نفس الموضوع مع حفظ الموضوع.
وبالجملة ، فالتقديم في باب التزاحم يوجب انعدام موضوع الآخر ، وفي باب التعارض يوجب نفي حكمه مع بقاء الموضوع. وقد ذكر الميرزا قدسسره للتزاحم من غير جهة القدرة مثالا يأتي الكلام فيه ، وأنّه ليس من باب التزاحم وإنّما هو من باب التعارض ، غاية الأمر أنّ التنافي بينهما عرضي لا ذاتي ، فالتزاحم مختصّ بما إذا كان تقديم أحدهما سالبا للقدرة على الثاني فيكون رافعا لموضوعه ؛ إذ موضوعه القادر والمكلّف ومع تقديم أحدهما لا يكون قادرا على الثاني فتنتفي فعليّته ؛ لأنّ فعليّة كلّ حكم بتحقّق موضوعه في الخارج فافهم. فظهر بما ذكرنا أنّ باب التعارض وباب التزاحم بابان متباينان فيقع الكلام في أحكامهما.
في أحكام التعارض والتزاحم :
المتعارضان إن كان أحدهما بحسب العرف قرينة على الآخر ومفسّرا له ومبيّنا للمراد منه فليس بينهما حينئذ تعارض أصلا كما في العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والحاكم والمحكوم وغيرها. وإن لم يكن أحدهما قرينة عرفيّة على الآخر كما في العامّين من وجه بالإضافة إلى مورد الاجتماع ، وكما في المتباينين كما في أكرم زيدا ولا تكرم زيدا ، فهنا لا يمكن أن يشملهما معا دليل الحجيّة ؛ للزوم جعل الحجيّة في أمرين متناقضين وهو محال ، وجعل الحجيّة لأحدهما الغير المعيّن يعني لمفهوم أحدهما محال أيضا ؛ إذ ليس له وجود في الخارج ، وجعل الحجيّة لأحدهما المعيّن يعني الفرد الخارجي ترجيح من غير مرجّح ، فلا يشملهما حينئذ دليل الحجيّة