في مرجّحات باب التزاحم :
المرجّح الأوّل : ما إذا كان لأحد الواجبين بدل ولم يكن للآخر بدل فيقدّم ما لا بدل له ، وهو يكون على نحوين :
أحدهما : أن يكون البدل عرضيّا كما إذا تردّد أمره بين صوم الكفّارة فيفوته الحجّ وبين السفر إلى الحجّ فيفوته صوم الكفّارة. ولا ريب في تقدّم سفر الحجّ ؛ إذ الحجّ لا بدل له بخلاف صوم الكفّارة فإنّ له بدلا ، وهو بقيّة خصال الكفّارة من عتق أو إطعام ، مضافا إلى أنّه ليس من باب التزاحم ؛ إذ الواجب التخييري ـ كما سيأتي الكلام فيه ـ راجع إلى وجوب الجامع بين الخصال ، وحينئذ فكلّ واحد من الخصال لا أمر به وإنّما الأمر بالجامع ، وحينئذ فهذا الصوم ليس واجبا فلا مزاحمة أصلا.
الثاني : أن يكون البدل طوليّا كما في من كان عنده ماء بقدر وضوئه وهناك نفس محترمة تموت من العطش لو توضّأ به ، فبإطلاق أدلّة وجوب حفظ النفس المحترمة لهذه الصورة يتقدّم على الوضوء فيشرب الماء ثمّ يتيمّم للصلاة ، وحينئذ فلم تفته مصلحة كلّية ؛ لأنّ الصلاة مع الطهارة المائيّة مشروطة بالقدرة الشرعيّة على الاستعمال ، بخلاف حفظ النفس فإنّه ليس القدرة فيه إلّا شرطا عقليّا كما سيأتي أنّه من صغريات تلك القاعدة ، وحينئذ فقد أدرك مصلحة حفظ النفس وملاك الصلاة بتمامه بالطهارة الترابيّة ، كما هو مقتضى التقسيم في الآية القاضي بالتنويع كما في المسافر والحاضر ، غير أنّا علمنا من الخارج أنّ إدخال النفس تحت العجز بالاختيار محرّم ، بخلاف المسافر والحاضر فإنّه جائز ولو اختيارا.
ثمّ إنّه تفريعا على ذلك ذكر السيّد اليزدي قدسسره (١) في عروته ويتبعه جملة من المحشّين أنّه إن كان عنده ماء بقدر الطهارة المائيّة ودار أمره بين استعماله في الطهارة المائيّة
__________________
(١) العروة الوثقى : فصل في أحكام النجاسات ، المسألة ١٠.