الثاني : أن يكون الجزءان أو الشرطان أو الجزء والشرط قد ثبتت جزئيّتهما أو شرطيّتهما أو جزئيّة أحدهما وشرطيّة الآخر بدليلين ، فبعد سقوط المركّب منهما لعدم القدرة ولزوم الإتيان بالباقي فقد يكون الدليلان مجملين معا فحينئذ يتساقطان ، ويرجع إلى الاصول ، كالطمأنينة في ذكر السجود وطهارة محلّه إذا دار الأمر بينهما. وقد يكون أحد الدليلين مجملا كالاجماع والآخر مطلقا أو عامّا ، وفي مثله لا ريب في تقديم المطلق أو العامّ ؛ لأنّ دليل الثاني هو الإجماع ، والقدر المتيقّن منه غير هذه الصورة فلا يكون شاملا لها فلا معارض للعامّ ولا للمطلق.
الثالث : أن يكون أحد الدليلين مطلقا والآخر عامّا ولا ريب في تقديم ما كان عامّا ؛ لأنّه بالوضع ، والمطلق بمقدّمات الحكمة ، والعامّ يصلح بيانا فلا تحرز عدم البيان.
الرابع : أن يكونا مطلقين معا ففي مورد الاجتماع يتساقطان ويرجع إلى أصالة عدم ملاحظة الخصوصيّة فيتخيّر بين الواجبين ؛ للعلم بوجوب إتيان المقدور من الأجزاء.
الخامس : أن يكونا عامّين معا فهنا يرجع إلى مرجّحات باب التعارض ، وهي الأخذ بأشهر الروايتين إن كان أوّلا وإلّا فما خالف العامّة وإلّا فما وافق الكتاب وإلّا فالتخيير ، فإنّك حينئذ بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك.
وبالجملة ، فما يعتبر في واجب واحد ليس الدوران فيه من باب التزاحم كلّية وإنّما هو من باب التعارض والحكم فيه ما مرّ ، ولا فرق بين الركن فيه وغيره ، ولا بين السابق واللاحق ، هذا تمام الكلام فيما كان من قبيل ما يعتبر في العمل الواحد.
تنبيه : [التزاحم في مقام الجعل]
إنّ التزاحم بين الأحكام وهو الذي قد تكلّمنا فيه وقد ذكرنا مرجّحاته فيما تقدّم. وهناك تزاحم آخر في مقام الجعل وهو ما إذا كان في الفعل مصلحة من جهة