ومفسدة من جهة اخرى ، وأحكام هذا التزاحم ليست راجعة إلينا ، وإنّما هي راجعة إلى نفس الجاعل فقد تكون المصلحة الملزمة والمفسدة الملزمة متساويتين في الأهميّة فلا بدّ من جعل الإباحة ، وقد تكون المصلحة الملزمة أهمّ فلا بدّ من ملاحظة أنّ الأهميّة بمقدار يتسامح فيه وغير ملزم فيجعل الاستحباب أو بمقدار ملزم فيجعل الوجوب ، وقد تكون المفسدة أهمّ فإن كانت بمقدار غير ملزم فلا بدّ من جعل الكراهة ، وإن كانت بمقدار ملزم فلا بدّ من جعل التحريم ، إلّا أنّ هذا كلّه ليس من وظائفنا وإنّما هو وظيفة المشرّع للأحكام.
في أقسام التزاحم :
ذكر الميرزا النائيني قدسسره (١) أنّ أقسام التزاحم ستّة ، والظاهر أنّها لا تزيد على ثلاثة كما سيظهر ذلك :
الأوّل : أن لا يقدر المكلّف على الامتثالين معا اتّفاقا كما إذا لم يكن قادرا إلّا على قيام واحد فهل يقوم في صلاة الظهر أم العصر؟
الثاني : ما إذا وقع التضادّ بين الواجبين اتّفاقا.
أقول : التضادّ من الامور الذاتية فلا يعقل تحقّقه اتّفاقا إلّا من جهة عدم جهة عدم قدرة المكلّف عليهما معا من باب الاتّفاق فيتضادّان من حيث قدرة المكلّف ، فهذا القسم ليس قسما في قبال القسم الأوّل ، بل هو هو وإن اختلف التعبير ، فافهم.
الثالث : ما إذا كان الحرام مقدّمة لواجب اتّفاقا فيتزاحم وجوب الواجب وحرمة الحرام ؛ إذ لا يمكن جعل الوجوب للواجب وتحريم مقدّمته ، ثمّ إنّه لا بدّ من كون التوقّف اتّفاقيا ، وإلّا فلو كان دائميّا فهما متعارضان.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٥٢ ـ ٥٣.