تناف أو طلب للجمع بين الضدّين؟ والسرّ في ذلك أنّ ترك كتابة الصحيفتين في الدار يكون له حصصا ، فالحصّة الملازمة مع الذهاب إلى المكتب غير مطلوبة ، وما عداها مطلوب ، ولا بدّ من إيجاد الكتابة فيه ، فإذا ترك الكتابة حينئذ كان عاصيا مضافا إلى ترك الذهاب إلى المكتب المحقّق للعصيان الأوّل.
والمثال الشرعي لذلك ما إذا وجب السفر بأمر المولى مثلا فعصى أمر السفر وبقي في بلاده وكان السفر
واجبا حدوثا وبقاء فدخل شهر رمضان فهل يجب الصوم على هذا أم لا؟ وهل يتمّ صلاته أم لا؟ فأمر الصوم وإتمام الصلاة لا يكون إلّا مترتّبا على عصيان الأمر بالسفر حدوثا وبقاء.
ومن هنا ظهر أنّ شرط الأمر بالمهمّ يلزم أن يكون هو العصيان المستمرّ إلى آخر زمان فعل المهمّ لا العصيان آناً ما ، وإلّا فلو كان العصيان آناً ما هو الشرط لكان طلبا للضدّين بعده ، وكأنّ منشأ توهّم استحالة الترتّب هو تخيّل كون الشرط هو العصيان آناً ما فيورد بكونه بعده يتحقّق طلب الجمع بين الضدّين ، ولو تأمّلوا كلام القائل بالترتّب وأنّ العصيان المقارن للمهمّ إلى آخر أجزائه هو الشرط لسلموا إمكانه وعدم تحقّق المنافاة فيه. نعم ، بعد الإتيان بالمهمّ لو فرض بقاء الأمر بالأهمّ فأتى به كان حينئذ موافقا لأمره بلا ريب.
وبالجملة ، فقد اتّضح بحسب الظاهر أنّ الترتّب لا منافاة فيه فهو ممكن في مقام الثبوت ، ولا محذور فيه كلّية ، فيقع الكلام الآن في بعض الامور التي مرّت الإشارة إليها في طيّ كلماتنا السابقة ، وها نحن نشير إليها في ضمن امور :
وينبغي التنبيه على امور :
[التنبيه] الأول :
أنّ لازم القول بالترتّب تعدّد العقاب عند ترك المهمّ والأهمّ ، بيان ذلك : أنّ المكلّف إمّا أن يترك الأهمّ ويأتي بالمهمّ أو بالعكس أو يتركهما معا ، فإن ترك الأهمّ