كما أنّ الأمرين مع فرض مساواتهما في الأهميّة لا بدّ من سقوط إطلاق خطابهما معا ، فصرف إمكان الترتّب مغن عن إثبات وقوعه.
التنبيه الثالث :
إنّ الترتّب إنّما يصحّ حيث يكون امتثال خطاب الأهمّ رافعا لموضوع المهمّ وأمّا إذا كان نفس الأمر بالأهمّ رافعا لموضوع المهمّ فلا يجري ، كما في موارد يعتبر في موضوع الأمر بالمهمّ القدرة الشرعيّة بحيث لا ملاك بدونها ، فإنّه حينئذ يكون الأمر بالأهمّ رافعا للقدرة الشرعيّة ، ففي مثل الوضوء إذا وجب صرف الماء في رفع عطش مؤمن ، إذا عصى لا يكون من الترتّب في شيء ، وذلك لأنّه فهم من آية التيمّم في قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا)(١) أنّ المراد من عدم الوجدان عدم الوجدان الشرعي ، فيفهم بقرينة المقابلة أنّ الذي يجب عليه الوضوء الواجد الشرعي ، وهذا الشخص بعد وجوب بذل الماء للمؤمن ليس واجدا شرعا ، فلو توضّأ كان وضوؤه بلا أمر.
فما نسب إلى العروة للسيّد اليزدي قدسسره (٢) من التزامه بصحّة الوضوء حينئذ من باب الترتّب ليس على ما ينبغي ، وإن كنّا لم نتحقّق صحّة ما نسب إليه قدسسره بل الموجود في عروته (٣) في باب الوضوء الحكم بالبطلان عند خوف العطش ، وكذا في مسوّغات التيمّم إذا عارض الوضوء واجب أهمّ فقد حكم بالبطلان معلّلا بكونه مأمورا بالتيمّم (٤) ، إلّا أنّا قد ذكرنا في تعليقتنا على العروة (٥) إمكان جريان الترتّب
__________________
(١) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦ وفيهما (فلم تجدوا).
(٢) لم نقف عليه.
(٣) انظر العروة الوثقى : مسوّغات التيمّم : الخامس.
(٤) انظر المصدر السابق : السادس.
(٥) انظر المصدر السابق ، الهامش رقم ٨.