ومن المناسب التعرّض لامور ثلاثة :
الأمر الأوّل : أنّ الواجبين المتزاحمين اللذين يكون أحدهما أهمّ من الثاني قد يكونان معا آنيّين ، نظير غريقين أحدهما نبيّ والآخر مسلم مثلا ، ففي مثله إذا ترك إنقاذ النبيّ وأنقذ المسلم مثلا فبناء على الترتّب وكون أمر إنقاذ المسلم مشروطا بترك إنقاذ النبيّ يكون عاصيا للأهمّ وممتثلا للمهمّ.
وقد يكون المهمّ آنيا والأهمّ مستمرّا ففي الآن الأوّل صحّة المهمّ موقوفة على الترتّب كما قرّرنا ، وبعد الآن الأوّل يكون الأهمّ حينئذ وحده وليس هناك أمر بالمهمّ.
وقد يكون الأهمّ آنيا والمهمّ مستمرّا فصحّة المهمّ حينئذ إن قلنا بمقالة المحقّق الثاني غير محتاجة إلى الترتّب ، وإن لم نقل بمقالة المحقّق الثاني فهي أيضا لا بدّ لها من القول بالترتّب ، وأمّا فيما بعد الآن الأوّل فالمهمّ حينئذ لا يعارضه الأمر بالأهمّ ؛ لانعدامه حسب الفرض.
وقد يكون كلاهما مستمرّا كالصلاة والإزالة ، فإنّ أهميّة الإزالة من جهة فوريّتها إلّا أنّها إذا لم يؤت بها فورا لا يسقط أمرها ، بل يبقى فورا ففورا ، فحينئذ يكون شرط الأهمّ حينئذ وهو الصلاة ترك الإزالة في تمام زمان أدائها من التكبير إلى التسليم.
الأمر الثاني : أنّه إذا عرضت النجاسة أثناء صلاة المصلّي في المسجد فقد زعم السيّد اليزدي في عروته (١) صحّة الصلاة من غير حاجة إلى الترتّب ، وتبعه الميرزا النائيني قدسسره (٢) معلّلا بأنّه إنّما احتجنا إلى الترتّب في الابتداء لفوريّة الإزالة المنفيّة في المقام قطعا ؛ لحرمة قطع الصلاة.
__________________
(١) العروة الوثقى : في أحكام النجاسات ، فصل : يشترط في صحّة الصلاة ... ، المسألة ٥.
(٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٠٠.