حيث يكون إنقاذ الغريق متوقّفا عليها مباحا وإن لم يرد هو إنقاذ الغريق كما اختاره صاحب الكفاية قدسسره (١).
ومن هذا الكلام يظهر الكلام فيما لو توقّف الواجب الأهمّ على ترك واجب آخر فإنّ عين الكلام فيه جار وإنّ غير الأهمّ يرتفع وجوبه ويكون فعله محرّما ؛ لأنّه مفوّت للأهمّ إلى آخر الكلام المزبور. هذا تمام الكلام في القسم الثاني من أقسام التزاحم ، وقد عرفت عدم جريان الترتّب فيه ، فافهم.
القسم الثالث من أقسام التزاحم : وهو باب اجتماع الأمر والنهي
فلو لم يكن هناك مندوحة أصلا وقدّم النهي ، فلو عصى ذلك النهي فهل يمكن حينئذ أن يأتي بالمأمور به من باب الترتّب بنحو يكون الأمر به مشروطا بعصيان النهي أم لا يمكن ذلك؟ مثلا إذا نهي عن الغصب وامر بالصلاة فلو قدّم النهي فالعمل منهيّ عنه ولكن هل يمكن أن يؤمر بالصلاة مشروطا بعصيان نهي الغصب أم لا يمكن؟ ذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى استحالة الترتّب ؛ لأنّ العصيان لنهي الغصب إمّا أن يكون بالغصب بنفس الصلاة أو بغيرها من الأفعال ، ويستحيل جعلهما شرطا للصلاة ، لرجوع الأوّل إلى قولك : «إن صلّيت فصلّ» وهو طلب الحاصل ، والثاني إلى قولك : «إن لم تصلّ فصلّ» ، وهو طلب المحال (٢).
أقول : إنّ باب اجتماع الأمر والنهي إن قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي لوحدة المتعلّق أو لسريان الأمر من متعلّقه إلى متعلّق الثاني وبالعكس فليس من باب التزاحم وإنّما هو داخل في باب التعارض ؛ إذ المفروض أنّ جعل الأمر والنهي فيهما محال قطعا فليس الامتناع لعدم المقدوريّة فلا يتصوّر فيه الترتّب كما ذكره
__________________
(١) انظر كفاية الأصول : ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١١٤ ـ ١١٥.