في أنّ نسخ الوجوب مقتض للجواز أم لا؟
هل لدليل الناسخ أو المنسوخ أو هما معا دلالة على بقاء الجواز أم لا؟ والكلام يقع في مقامين :
أحدهما : دلالة الأدلّة الاجتهاديّة.
الثاني : دلالة الاصول العمليّة.
أمّا الكلام في الأوّل فنقول :
أمّا دليل الحكم المنسوخ وحده فلا يقتضي أكثر من إثبات الوجوب ، وأمّا أنّه ما يخلفه من الحكم عند ارتفاعه فلا يدلّ عليه.
وأمّا دليل الناسخ وحده فلا يدلّ على أكثر من رفع الحكم الذي هو الوجوب ، ولا يدلّ على أكثر من ذلك.
وأمّا مجموع الناسخ والمنسوخ فقد يقال بدلالتهما ، بدعوى أنّ الدليل الدالّ على الوجوب دلّ على امور ثلاثة :
أحدها الإباحة ، الثاني الرجحان ، الثالث الإلزام ، ودليل الناسخ يحتمل أن يرفع الجميع فلا بدّ من القول بالتحريم ، وقد يرفع خصوص الإلزام فيبقى الاستحباب ، كما قد يرفع الإلزام والرجحان فتبقى الإباحة بالمعنى الأخصّ فالقدر المتيقّن من رفع الناسخ هو رفع الإلزام فيبقى الاستحباب.
وفيه أوّلا : أنّ الأحكام ليست من سنخ الجواهر ولا الأعراض ، وإنّما هي اعتبارات محضة فكيف تكون مركّبة من امور مع كونها اعتبارات؟ وهذه الاعتبارات امور بسيطة متباينة بعضها يباين بعضا ، فالوجوب مباين للاستحباب ، وهما مباينان للإباحة وهكذا ، وحينئذ فإذا ارتفع الوجوب الذي هو أمر بسيط اعتباري فما هو الدليل على ثبوت الإباحة بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ؟