في الواجب التخييري
وقد وقع الكلام في تصويره بعد الفراغ عن تحقّقه ـ كما في خصال الكفّارة ومواطن التخيير في قصر الصلاة ـ فذهب جمع إلى أنّه كيف يكون الواجب التخييري واجبا مع جواز تركه ، فذهبوا إلى أنّ الواجب هو خصوص ما يختاره المكلّف ، وقد ذكر في المعالم تبرّي كلّ من هذا القول ونسبته له إلى خصمه (١) وهذا كاف في بطلانه ، مضافا إلى أنّه في صورة العصيان أيّ واجب ترك مضافا إلى كونه خلاف واقع الواجب التخييري بحسب مرتكزاتنا وظهور الأدلّة.
وذهب جماعة إلى أنّ الواجب أحدهما (٢) ، وآخرون إلى أنّه واحد على البدل (٣).
وفصّل صاحب الكفاية قدسسره فحكم بوجوب الجامع حيث يكون هناك غرض واحد مترتّب على أحد امور ؛ لأنّ وحدة الغرض كاشفة عن وحدة الواجب ؛ لاستحالة صدور الواحد من المتعدّد لاعتبار نحو من السنخيّة بين العلّة والمعلول. وإن كان هناك غرضان في شيئين إلّا أنّ بينهما تمانعا بحسب الوجود فالوجوب متوجّه نحو أحدهما على البدل وأنّه سنخ وجوب يقتضي إتيان متعلّقه أو تركه إلى بدله لا مطلقا ، ويكون التخيير بينهما شرعيّا في الأخير ، بخلاف الأوّل فالتخيير فيه عقلي إذ الواجب هو الجامع (٤).
ولا يخفى أنّه لا يمكن المساعدة على ما ذكره من كلا الشقّين :
أمّا الأوّل : فلأنّا لو سلّمنا استحالة صدور الواحد من المتعدّد فإنّما نسلّم في الواحد الشخصي ، وأمّا الواحد بالنوع فلا ، ونعني بالواحد بالنوع ما كان يجمعه نوع واحد ، فلا مانع من أن يستند الواحد بالنوع إلى متعدّد. وليس ما ذكر برهانا على الاستحالة
__________________
(١) انظر المعالم : ٧٢.
(٢) انظر هداية المسترشدين ٢ : ٢٨٨ ، ومفاتيح الاصول : ٣٠٩.
(٣) انظر هداية المسترشدين ٢ : ٢٩٣.
(٤) انظر كفاية الأصول : ١٧٤.