في الواجب الموسّع والمضيّق
الواجب قد يكون مؤقّتا ، وقد لا يكون مؤقّتا. فغير المؤقّت قد يكون فوريّا كقضاء الدين مع المطالبة والإمكان ، وقد لا يكون فوريّا كما في صلاة القضاء على ما هو المشهور والمنصور من كونه موسّعا.
والمؤقّت قد يكون مضيّقا كصوم شهر رمضان ، وقد يكون موسّعا كالصلاة اليوميّة.
وكلّ هذه الأقسام واقعة في الشريعة المقدّسة قطعا ، وإنّما الكلام في تصوير وقوعها مع ما يرد عليها من الإشكال.
أمّا الإشكال في المضيّق فلأنّ الامتثال إنّما يكون بعد التكليف والعلم به والتصوّر له والانبعاث نحوه ، فالامتثال متأخّر بمراتب عن التكليف فلا بدّ من كون التكليف في زمن الواجب ، فلا بدّ من كونه أوسع من الفعل لتتحقّق هذه المراتب فيمتثل.
والجواب أنّا قد ذكرنا أنّ تأخّر الامتثال عن البعث والتكليف إنّما هو تأخّر طبعي ولا يلزم فيه التأخّر بحسب الزمان أصلا ، وثانيا أنّه يمكن أن يكون بنحو الوجوب المعلّق أو المشروط بالوقت مثلا أو غير ذلك بحسب اختلاف الموارد.
وأمّا الإشكال في الموسّع فهو ما قدّمناه : من أنّ الواجب هو ما لا يجوز تركه ، وإذا كان موسّعا فقد رخّص في تركه ، وهذا الإيراد أيضا وارد في الأفراد العرضيّة ، فمن وجب عليه الصلاة إذا ترك الصلاة في المسجد وصلّى في بيته فقد ترك الواجب أيضا.
والجواب أنّ الوجوب إنّما تعلّق بالطبيعة من دون خصوصيّة في الأفراد ، فهو بترك الفرد العرضي لم يترك الطبيعة لتحقّقها في الفرد الثاني ، وأمّا في مقامنا فإنّ الواجب هو صرف الوجود فيما بين هذين الحدّين وليس كلّ فرد من أفراد هذين الحدّين ، فبترك الفرد الأوّل لم يترك الواجب إذا أتى به بعد ذلك ؛