وأمّا الكلام في :
النواهي ومفاد النهي
ذكر جماعة أنّ النهي طلب الكفّ ؛ لأنّ عدم الفعل أزلي فلا يتعلّق النهي به (١).
وذهب المشهور إلى أنّ المطلوب بالنهي هو مطلق الترك وأن لا يفعل ، وأنّ الأزليّة المدّعاة في دليل الأوّل بالإضافة إلى عدم الفعل الأزلي الذي هو خارج عن اختيار المكلّف (٢). وأمّا استمرار ذلك العدم فهو مقدور للمكلّف ؛ لإمكان أن يفعل فينقطع الاستمرار ، وأن لا يفعل فيبقى حينئذ عدمه مستمرّا.
وهذا القول الثاني وإن كان متينا إلّا أنّ الظاهر أنّ باب النواهي ليست من أبواب الطلب كلّية ، وإنّما ذلك باب الوجوب الذي يكون الفعل فيه ذا مصلحة من دون أن يكون في الترك مفسدة وإنّما فيه فوات المصلحة ، وإنّما النواهي ما يكون وجود المنهيّ عنها فيه مبغوضا من دون أن يكون تركه محبوبا.
__________________
(١) منهم العلّامة في تهذيب الاصول : ١٢١ كما نسب إليه في المعالم ونسب إلى الحاجبي والعضدي وإلى الأشاعرة ، انظر هداية المسترشدين ٣ : ١٧.
(٢) انظر نهاية الاصول : ١١٥ ، والمعالم : ٩١ ، والقوانين ١ : ١٣٧ ، والفصول الغروية : ١٢٠.