على الثاني فيبتني على القول بأنّ متعلّق الأمر هو الأفراد ـ بمعنى أنّ المشخّصات داخلة تحت الأمر ـ أو أنّ الأمر متعلّق بالطبائع بمعنى أنّ المشخّصات غير دخيلة ، وإنّما هي من لوازم وجود المأمور به.
فإن قلنا بالأوّل أيضا فلا بدّ من القول بالامتناع.
وإن قلنا بالثاني فلا بدّ من القول بالجواز.
فالقول بالجواز موقوف على أن يكون التركيب انضماميّا ، وأنّ التكليف لا يسري إلى المشخّصات.
والقول بالامتناع مبنيّ على القول بأنّ التركيب اتّحادي أو أنّ التركيب انضمامي إلّا أنّ الأمر متعلّق بالأفراد بمعنى سرايته إلى مشخّصاته.
الأمر السابع : أنّ الكلام في أنّ اجتماع الأمر والنهي ممكن وليس اجتماعا للضدّين ؛ لأنّه ليس اجتماعا في الحقيقة وإن كان له اتّحاد صوري ، أو أنّه مستحيل لأنّه جمع للضدّين وهو محال ، فالنزاع في أنّ التكليف محال أو ليس بمحال. وهذا النزاع لا يكون موقوفا على القول بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد كما عليه العدليّة وأغلب المعتزلة (١) ، بل يجري حتّى على قول الأشاعرة القائلين بعدم التبعيّة ؛ لأنّ النزاع في كونه جمعا بين الضدّين أم لا ، ولا يرى الأشعري (٢) جواز اجتماع الضدّين وإمكانه.
وبالجملة ، فالنزاع مشترك بين القولين.
فإن قلنا بأنّ التركيب اتّحادي فلا بدّ من تقييد أحد الإطلاقين ؛ لاستحالة الجمع بين الضدّين ، ويكون المقام من قبيل المتعارضين.
وإن قلنا بأنّ التركيب انضمامي فلا يخلو الحال بين أن يكون هناك مندوحة أو لا يكون هناك مندوحة ، فإن لم يكن هناك مندوحة فالمقام من قبيل المتزاحمين ،
__________________
(١) انظر كشف المراد : ٣٠٦ ، وشرح المواقف ٨ : ٢٠٢.
(٢) انظر المستصفى في علم الاصول ١ : ٧٦.