وإن كان هناك مندوحة فعلى النزاع بيننا وبين الميرزا النائيني قدسسره لو اختار المكلّف الفرد المنهيّ عنه كما مرّ في الأمر الرابع.
ومن هنا ظهر أنّ ما ذكره صاحب الكفاية في الأمر السابع والثامن : من دوران النزاع مدار الملاك وأنّه لا يجري النزاع إلّا حيث يحرز إطلاق الملاكين (١) لا يخلو من تكلّف واضح.
الأمر الثامن : في ثمرة النزاع ، والكلام إمّا في العبادات وإمّا في المعاملات.
أمّا في العبادات فإن قلنا بالامتناع ؛ لأنّ المجمع واحد وجودا وماهيّة وأنّ تعدّد العنوان لا توجب تعدّد المعنون ؛ لأنّها عناوين انتزاعيّة ، فلا بدّ حينئذ إمّا من تقديم جانب الأمر أو تقديم جانب النهي.
فإن قدّمنا جانب الأمر لمرجّح يقتضيه فمعناه أنّا قيّدنا النهي بغير هذا الفرد ، فصار هذا الفرد مأمورا به ليس إلّا ، فهو عبادة صحيحة لا يشوبها شيء.
وإن قدّمنا جانب النهي لمرجّح ـ مثل كون عمومه شموليّا وعموم الأمر بدلي أو غير ذلك من المرجّحات ـ ففي صورة العلم والعمد لو صلّى في ذلك المكان المغصوب فلا ريب في عدم خروجه عن عهدة التكليف ؛ لأنّ تقديم النهي معناه جعل المجمع محكوما بالتحريم ، وبما أنّ الأحكام متضادّة فهو غير محكوم بالوجوب قطعا ، فلم يخرج عن عهدة الواجب لفرض عدم إطلاق يشمل هذا الفرد في أدلة الوجوب وعمل محرّما يستحقّ عليه العقوبة ، بل ولو قصد به الامتثال عوقب عقاب التشريع مضافا إلى عقاب المحرّم ، هذا كلّه في صورة العلم والعمد.
أمّا في صورة النسيان العذري أو الغفلة أو الجهل الموضوعي أو الحكمي حيث يكون الجهل عذريّا فهل يكون العمل صحيحا أم لا؟ ظاهر فتاوى الفقهاء الاتّفاق على الصحّة بحيث لم نظفر بمخالف ، بل في مفتاح الكرامة في مبحث الوضوء في الماء
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ١٨٨ ـ ١٨٩.