فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّه بناء على الجواز فلا بدّ من القول بصحّة الصلاة من غير فرق بين العالم والجاهل ، وبناء على الامتناع لا بدّ من القول بفساد العبادة ، من غير فرق أيضا بين العالم والجاهل في غير الموارد الخاصّة الخارجة بدليلها الخاصّ كما في الصلاة بناء على شمول : «لا تعاد» (١) للجاهل كما هو الصحيح. فما ذكره المشهور : من الحكم بالصحّة في صورة الجهل في جميع العبادات والفساد في الجميع أيضا في صورة العلم ، ممّا لم يعلم وجهه. هذا تمام الكلام في المقدّمات والثمرة ، ويقع الكلام الآن في تحقيق القول بجواز الاجتماع أو امتناعه فنقول وبالله العون :
الكلام في أدلّة القائلين بالامتناع والجواز
ذهب صاحب الكفاية قدسسره (٢) إلى امتناع اجتماع الأمر والنهي ومهّد لذلك مقدّمات أغلبها بديهيّة ، فإنّ كون الأحكام الخمسة متضادّة ـ بالمعنى العرفي للتضادّ ـ ممّا لم يتنازع فيه اثنان ، وإنّما القائل بالجواز يدّعي أنّه لا اجتماع ؛ لأنّ محلّ أحدهما غير محلّ الآخر.
وكذا كون متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف دون الاسم والعنوان أيضا ممّا لم يكن محلّا للخلاف ، وإنّما القائل بالجواز يدّعي أنّ الصادر منه في الخارج فعلان لا فعل واحد ، وكذا كون الموجود بوجود واحد ليس له إلّا ماهيّة واحدة وحقيقة فاردة أيضا غير قابل للتشكيك ، وإنّما يزعم القائل بالجواز أنّ هناك إيجادين ووجودين.
نعم ، عمدة خلاف القائلين بالجواز والامتناع ومركز نزاعهم هو المقدّمة الثالثة ، وهي : أنّ تعدّد الوجه والعنوان يقضي بتعدّد الموجه والمعنون أم لا؟ ولكن صاحب الكفاية قدسسره لم يستدلّ على إثباتها إلّا بالدعوى فإنّه ذكر فيها أنّه ربّما تنطبق العناوين المتعدّدة على المعنون الواحد (٣).
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٢٧ ، الباب ٩ من أبواب القبلة ، الحديث الأوّل.
(٢ و ٣) كفاية الاصول : ١٩٣.
(٢ و ٣) كفاية الاصول : ١٩٣.