وأمّا إذا كان الماء مباحا إلّا أنّ المكان الذي يتوضّأ به مغصوب.
فتارة ينحصر المكان بذلك المكان فلا ريب في بطلان الوضوء ؛ لعدم الأمر به.
أمّا إذا لم ينحصر المكان به فتارة يكون محلّ وقوف المتوضّئ مغصوبا إلّا أنّ المصبّ ومحلّ الحركات مباح ، وفي مثله لا ريب في صحّة الوضوء الذي هو عبارة عن الغسلات والمسحات ؛ لعدم كونها غصبا.
واخرى يكون محلّ المتوضّئ مباحا والمصبّ مغصوب ، فتارة يراق الماء في مكان مباح يستطيع حبسه فيه عن السيلان إلى المحلّ المغصوب ولكنّه لم يحبسه ، فلا ريب أيضا في صحّة وضوئه وإن عصى بعدم الحبس.
واخرى يكون المصبّ مغصوبا رأسا ، ففي هذه الصورة تبتني صحّة الوضوء وعدمها في صورة عدم انحصار المصبّ بهذا المصبّ على سريان حرمة ذي المقدّمة إلى حرمة مقدّمته وعدم السريان ، وحيث بنينا على عدم السريان فالوضوء أيضا صحيح ، بل ولو بنينا على حرمة مقدّمة الحرام فليس نفس الوضوء مقدّمة ، بل إنّ صبّ الماء مقدّمة للوضوء ومقدّمة للصبّ المحرّم ، فالوضوء حينئذ صحيح إن لم ينحصر المصبّ بهذا.
وأمّا الوضوء من آنية الفضّة والذهب المحرّم استعمالها ، فحيث ينحصر الماء بها لا ريب في عدم وجوب الوضوء منها ووجوب التيمّم. وإن اغترف غرفة لا تكفي له لوضوئه فلا يجب عليه غسل الوجه بها ؛ لعدم التكليف بالوضوء لفرض انحصاره في المحرّم استعماله. وإن توضّأ منها حيث لا انحصار فحيث إنّ الاغتراف ليس وضوءا ، وإنّما الوضوء هو الغسلات والمسحات فاغترافه وإن كان محرّما إلّا أنّ الوضوء بعده ليس استعمالا لآنية الذهب والفضّة ، فلا ينبغي الريب في الصحّة ، وطريق الاحتياط غير خفيّ.
نعم ، الأكل منها محرّم بخصوصه ولو كان بالواسطة لصدق الأكل من الإناء وإن أخذه بيده ثمّ وضعه في فيه ؛ لأنّه متعارف الأكل من الإناء ، وقد ورد النهي عن