وأمّا في النهي التنزيهي فهو على قسمين ؛ لأنّه قد يكون مع وجود المندوحة كما إذا كره استعمال الماء المسخّن في الشمس فتوضّأ أو اغتسل به مثلا مع وجود غيره ، واخرى لا مع المندوحة.
أمّا إذا كان هناك مندوحة فحيث إنّ أمر الصلاة متوجّه إلى الطبيعة لا الأفراد (*) ؛ لأنّه مأخوذ بنحو صرف الوجود والنهي انحلالي فالأمر متوجّه نحو الطبيعة ، والفرد الخارجي فرد للطبيعة لكنّه ليس فردا واجبا ؛ لأنّ الطبيعة بما هي واجبة لا تسري إلى الفرد ، كما لا تسري إليه بما هي كلّية في قولك : زيد إنسان. فالأمر متوجّه نحو الطبيعة ، فإذا وجد الفرد كان الانطباق قهريّا والإجزاء عقليّا ، ولكنّ الفرد الخارجي لا يتّصف بالوجوب ؛ ولذا لو صلّى الإنسان صلاة الظهر أوّل الظهر لا يكون ذلك الفرد بخصوصه فردا للواجب بحيث لو كان أخّره عنه كان خارج الوقت ، ولكنّ النهي بما أنّه انحلالي فهو يسري إلى كلّ فرد فرد من أفراد المنهيّ عنه ، فالكون في مواضع التهمة مثلا بتمام أفراده مكروه مثلا ، فالفرد الصلاتي بخصوصه منهيّ عنه وليس هو محطّ الأمر كما قرّرنا.
لا يقال : هذا الكلام بحذافيره يجري في النهي التحريمي فلم قلتم بالامتناع حيث يتّحدان ، وهل يعقل اتّحادهما بناء على ما قرّرتم؟
__________________
(*) هذا ما قرّره في الدورة السابقة ، ولكنّه أيّده الله اختار في الدورة اللاحقة ما اختاره الآخوند من كون النهي إرشاديا إلى بقيّة الأفراد الغير المشخّصة بالمشخّص المنافر كما اختاره في الكفاية [كفاية الاصول : ١٩٩]. وقد عدل عن هذا الجواب ؛ لأنّ كون النهي نهيا عن الأفراد إن رجع إلى كونه نهيا عن الخصوصيّات الفرديّة فليس نهيا عن العبادات ذاتها ، وإن كان نهيا عن الطبيعة فالفرد عين الطبيعة فكيف يكون محبوبا ومبغوضا في آن واحد؟ وهذا الكلام بعينه جار في الشقّ الثاني من القسم الثاني ، وهو ما نهى عن ذات العبادة وله بدل.