وأمّا الاضطرار بسوء الاختيار :
كمن دخل أرض الغير بغير إذنه فهو مضطرّ إلى الخروج منها فهل يرتفع النهي بهذا الاضطرار أم لا؟ والكلام هنا يقع في مقامين :
أحدهما : حكم الخروج في نفسه.
الثاني : حكم الصلاة في حال الخروج.
فالكلام الآن يقع في حكم الخروج نفسه ؛ لأنّ حكم الصلاة متفرّع عليه.
فنقول : ذهب جماعة (١) إلى أنّ الخروج منهيّ عنه ليس إلّا وأنّ حكمه قبل الاضطرار بعينه باق بعده لم يرفعه الاضطرار ؛ لأنّه بسوء الاختيار ، ولا قبح في التكليف بحرمة جميع ما يمكن أن يفعله المكلّف الآن من الخروج والبقاء والولوج أكثر ممّا هو والج فيه الآن ؛ لأنّ المكلّف قادر أن يترك الجميع بترك الدخول الذي كان اختياريّا له.
وذهب آخرون إلى أنّه مأمور به مع إجراء حكم المعصية عليه حيث يصدر العمل مبغوضا (٢).
وآخرون إلى أنّه مأمور به ليس إلّا ، واختاره الشيخ الأنصاري قدسسره وقوّاه الميرزا النائيني قدسسره (٣).
وآخرون إلى أنّه مأمور به ومنهيّ عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار ، واختاره الميرزا القمّي تبعا لأبي هاشم الجبائي (٤).
__________________
(١) راجع نهاية الوصول : ١١٧ ، والمدارك ٣ : ٢١٧ ، وضوابط الاصول : ١٥١.
(٢) وهو المحكي عن الفخر الرازي ، راجع القوانين ١ : ١٥٤ ، وجنح إليه صاحب الفصول : ١٣٨.
(٣) مطارح الأنظار ١ : ٧٠٩ ، وأجود التقريرات ٢ : ١٨٦.
(٤) القوانين ١ : ١٥٣ ، وانظر نهاية الوصول : ١١٧.