وأمّا الصلاة بالإيماء حيث لا يكون فرضه الإيماء لو صلّى خارج المكان المغصوب فلا ريب في بطلانها مع القدرة على الصلاة خارج المكان المغصوب ؛ لأنّ الصلاة المطلوب تحقّق صرف الوجود منها ، ومع القدرة على إتيان الفرد الكامل الجامع للركوع والسجود والطمأنينة لا يكفي الفاقد لها ، فالفاقد باطل قلنا بجواز الاجتماع أو امتناعه ؛ إذ البطلان ليس من جهته كما مرّ. وأمّا الصلاة إيماء حيث يكون فرضه الإيماء وبلا طمأنينة فالظاهر صحّتها مطلقا قلنا بجواز الاجتماع أو بالامتناع ؛ لعدم كون الصلاة ـ التي هي عبارة عن النيّة وباقي الأقوال ـ غصبا أصلا ، كما تقدّم بيان ذلك مفصّلا. نعم الركوع العادي من جهة حركة الأين والسجود من جهة الاعتماد يكون غصبا. أمّا الخالي منهما كما هو الفرض مع كون تكليفه هو ذلك حتّى لو صلّى في خارج المكان فلا غصب فيه ، فتأمّل. هذا تمام الكلام في حكم الصلاة حال الخروج من الأرض المغصوبة التي دخلها بسوء اختياره.
بقي الكلام في امور :
أحدها : أنّا لو قلنا بالامتناع وأنّ التركيب اتّحادي فهل يتقدّم الأمر أو النهي ؛ لأنّ المورد لا يمكن فيه توجّههما معا نحوه للتعارض؟ وقد ذكر لترجيح النهي وجوه :
أحدها : ما ذكره الميرزا النائيني : من أنّ النهي بما أنّه انحلالي فهو متوجّه إلى كلّ فرد فرد ، وبما أنّ الأمر المقصود فيه صرف الوجود فهو مطلق متوجّه نحو الطبيعة. وقولنا : «إنّ الفرد واجب على البدل» مسامحة في التعبير ، لما تقدّم من عدم كون الفرد واجبا حتّى بعد الإتيان به ، نعم هو مصداق للواجب ، فيكون النهي متقدّما لأقوائيّة دلالته الذي هو ميزان التقديم في المزاحمة (١).
__________________
(١) فوائد الاصول ١ و ٢ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ و ٤٣٣.