وإنّما الكلام حيث يكون النهي التشريعي نهيا عامّا كما في الموارد التي لم يعلم الأمر بها كما في صلاة خمس ركع مثلا فهنا في الموارد الخاصّة يشكّ في وجود الأمر بها ، ولكنّ الظاهر كون هذا النهي العامّ أيضا دالّا على الفساد لأمرين : أحدهما أنّ هذا العمل بنفسه تشريع محرّم ؛ لأنّه لم يعلم أمر الشارع به وليس التشريع أمرا قلبيّا بل نفس ما به التشريع تشريع محرّم وحينئذ فهو غير قابل للتقرّب. مضافا إلى أنّ المكلّف لا يستطيع أن يتقرّب به أصلا ؛ لأنّه مبغوض قطعا ومحرّم بالأدلّة الأربعة كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا كما هو واضح ، وحكم الجزء حيث يكون عبادة حكم الكلّ في جميع ما مرّ من الكلام ، فلا يحتاج إلى الكلام مستقلّا.
هذا تمام الكلام في العبادات وقد ظهر أنّ النهي فيها مطلقا مولويّا وإرشاديّا دالّ على الفساد.
الكلام في المعاملات
وقد قسّم النهي عنها إلى أقسام ثلاثة :
الأوّل : أن ينهى عن السبب وهو الإيجاب والقبول في العقود والإنشاء في الإيقاع.
الثاني : أن يكون النهي عن المسبب ، كما في تملّك الكافر المصحف والمسلم وطلاق الحائض.
الثالث : أن يكون النهي عن التسبيب بحيث لا يكون السبب مبغوضا ولا المسبّب بنفسه مبغوضا وإنّما المبغوض جعل هذا الأمر سببا لهذا المسبّب ، وهذا القسم الثالث يرجع إلى الثاني باعتبار رجوعه إلى النهي عن المسبّب عن هذا السبب ، فقيل باقتضاء النهي الفساد في تمام الأقسام (١) وقيل بالعدم مطلقا كما هو قول
__________________
(١) قال العلّامة : قال جمهور فقهاء الشافعيّة ومالك وأبو حنيفة والحنابلة وأهل الظاهر كافّة وجماعة من المتكلّمين : إنّ النهي يدلّ على الفساد مطلقا. انظر نهاية الوصول : ١١٨.