الثاني : قد ذكرنا أيضا أنّ الجملة إن لم يمكن الإطلاق في جزائها كما في «إن رزقت ولدا فاختنه» فهي مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، وإن أمكن الإطلاق في جزائها كما في «إن جاءك زيد فأكرمه» فهي مفيدة للانتفاء عند الانتفاء بمقتضى الفهم العرفي كما تقدّم. هذا إذا كان الشرط واحدا كما في المثالين ، وإن كان الشرط متعدّدا بنحو يكون المجموع قيدا واحدا مثل «إن جاءك زيد وكان اليوم يوم الجمعة فأكرمه» فالمفهوم يكون أوسع في المقام ، فإنّ المفهوم يكون جملتين وهي : إن لم يجئ لا يجب إكرامه ، وكذا إن جاء ولم يكن اليوم يوم جمعة ، إلّا أنّ هذا حيث يمكن الإطلاق بكلّ واحد من القيدين. أمّا إذا لم يمكن مثل «إن رزقت ولدا وكان اليوم يوم جمعة فاختنه» فبالنسبة إلى ما لا يمكن الإطلاق فيه يكون القيد مسوقا لتحقّق الموضوع وبالنسبة إلى ما يمكن الإطلاق فيه وهو القيد الثاني بأن رزق ولدا يوم السبت فلا يجب ختانه ، ولا يكون عدم الإطلاق في البعض حينئذ رافعا لإطلاق الباقي لعدم المقتضي لذلك ، فافهم وتأمّل.
الأمر الثالث : أنّ الجزاء قد يكون حكما واحدا شخصيّا ، وقد يكون الجزاء عموم الحكم كما إذا قال : «إن طلعت الشمس فالحكم الفلاني» عامّ مثلا ، ومعلوم أنّ انتفاء الشرط في المقام يوجب ارتفاع الحكم في الجملة الشرطيّة ولو كان هو العموم. أمّا لو كان الجزاء الحكم بالعموم كما في قوله عليهالسلام : إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء (١) فهي جملة تنحلّ إلى قولنا : لا ينجّسه البول ولا الدم ولا الميتة ... إلى آخر النجاسات ، فهل المفهوم في المقام هو الموجبة الجزئيّة ؛ لأنّ نقيض السالبة الكلّية في المقام هو الموجبة الجزئيّة فيكون المفهوم أنّه إذا لم يكن قدر كرّ ينجّسه شيء ما ، أو أنّ المفهوم هو أنّه ينجسه كلّ شيء؟
__________________
(١) الوسائل ١ : ١١٧ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ و ٢ و ٥ و ٦ (بتفاوت يسير).