والشبري فلا إشكال ؛ لأنّهما حينئذ متساويان بحسب المورد. وكذا إذا كانا متباينين بحسب المورد بحيث لا يجتمعان مثل قولك : «إن كنت عند طلوع الفجر عند زيد في داره فصم ، وإن كنت عند طلوع الفجر عند عمر في داره فصم» فلا بدّ من كون الشرط أحدهما ، إذ لا يمكن كونهما معا شرطا قطعا. وكذا لا إشكال إذا كان بين المنطوقين عموم مطلق فإنّ ظهور الأخصّ في التحديد ينافي ظهور الأعمّ في التحديد ، فيقع التعارض بين المنطوقين.
ومن هنا ظهر أنّ المثال المذكور في ألسنة القوم «إذا خفي الأذان فقصّر وإذا خفي الجدران فقصّر» ليس صغرى لمحلّ الكلام ، إذ خفاء الأذان العادي غالبا يكون قبل خفاء الجدران فتكون النسبة العموم المطلق. نعم مثل «إن بلت فتوضّأ ، وإن نمت فتوضّأ» صحيح ؛ لأنّ بينهما عموما من وجه موردا بحيث يمكن افتراق كلّ منهما عن الآخر كما يمكن اجتماعهما وقلنا بأنّ الجملتين مشتملتان على المفهوم ، فحينئذ يقع الكلام في علاجهما ؛ لأنّ مقتضى «إن بلت فتوضّأ» إن لم تبل فلا تتوضّأ ، ومقتضى «إن نمت فتوضّأ» وجوب الوضوء عند عدم البول ، فيقع التعارض بين منطوقي كلّ منهما ومفهوم الآخر.
وقد ذهب بعضهم بأنّ الجملة الشرطيّة حيث تتعدّد كما في المثال لا يكون لكلّ منهما مفهوم ، نعم يكون لها مفهوم إذا انفردت (١).
ولا يخفى ما في هذه الدعوى ؛ إذ أنّ الضرورة إنّما تقدّر بقدرها فرفع اليد عن المفهوم كلّية لا مقتضي له ، بل لا بدّ من رفع اليد عن المفهوم في صورة وجود الشرط الثاني بمعنى تقييد المنطوق بكلمة أو لينتج ذلك ، وإلّا فالمفهوم غير قابل للتقييد بغير تقييد المنطوق ، فافهم.
__________________
(١) لم نعثر عليه.