وذهب بعضهم إلى تقييد كلّ من المفهومين بمنطوق الآخر فمثل «إن بلت فتوضّأ» مفهومه إن لم تبل فلا يجب الوضوء فيقيّد بقوله : إلّا إذا نمت ، وكذا العكس (١).
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ المفهوم لازم عقلي للمنطوق ، ومع حفظ ظهور المنطوق لا يمكن تقييد اللازم العقلي.
وذهب بعضهم بقرينة أنّ الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد إلى أنّ الجامع بينهما هو الشرط (٢).
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ هذا إنّما يصحّ إذا احرز أنّ كلّا منهما بانفراده سبب ومؤثّر للوجوب ، والكلام بعد في تشخيص ذلك فإنّه من المحتمل أن يكون كلّ واحد بشرط الآخر مؤثّر لا باستقلاله.
فبقي أمران : أحدهما أن نقيّد المنطوق ب «أو» فيكون معناها إذا خفي الأذان أو خفي الجدران فقصّر ، فيكون الشرط أحدهما. أو تقييد المنطوق بالواو فيكون المعنى إذا خفي الأذان وخفي الجدران فقصّر ، فيكون الشرط هو مجموعهما. فيقع الكلام في ترجيح أحدهما على الآخر.
ذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى أنّ في كلّ من الجملتين ظهورا في استقلال كلّ من الشرطين في الحكم في الجزاء ، كما أنّ لهما ظهورا آخر في الانحصار ، وبما أنّ كلا الظهورين لا يمكن أن يرادا من كلّ من الجملتين فإمّا أن يرفع اليد عن الظهور في الاستقلاليّة فيقيّد المنطوق بكلمة «و» فيكون معنى قوله : «إذا بلت فتوضّأ» إذا بلت ونمت فتوضّأ فيكون الشرط عبارة عن مجموعهما فقد رفعنا اليد عن ظهور كلّ من الشرطين بالاستقلاليّة في تأثير الوجوب للوضوء ، أو يرفع اليد عن الظهور في الانحصار فيقيّد المنطوق بكلمة «أو» فيكون معنى الجملة : إذا بلت أو نمت فتوضّأ ،
__________________
(١) انظر مطارح الأنظار ٢ : ٤٧.
(٢) هو صاحب الكفاية ، انظر كفاية الاصول : ٢٣٩.