وبالجملة : فما ذكره الميرزا النائيني قدسسره موافق في النتيجة للتقييد للمنطوق بالواو ، والظاهر أنّه يرجّح التقييد ب «أو» فيكون الشرط أحدهما. والوجه في ذلك : أنّ التعارض إنّما هو بين الظهورين في الانحصار ، وإلّا فلو فرض ورود المثال : يجب الوضوء عند البول ويجب الوضوء عند النوم لم يكن بينهما تعارض أصلا ، وإنّما نشأ التعارض من النفي المستفاد من الشرط الذي استفيد منه الانحصار ، وإلّا فظهور كلّ منهما في الاستقلال لا يلزم منه تعارض أصلا كما مرّ في المثال. وحينئذ فيرفع اليد عن الانحصار بمقدار مدلول معارضه فإنّ قوله : «إن بلت فتوضّأ» بمفهومها إن لم تبل فلا تتوضّأ ، فيرفع اليد عن الإرادة الجدّيّة لهذا العموم بأن يقال : إلّا إذا نمت فحينئذ يجب الوضوء. وكذا الكلام في «إن نمت فتوضّأ» فإنّ مقتضى الحصر فيها إن لم تنم فلا تتوضّأ فيخصّص بقوله : إلّا إذا بلت ، فيقيّد المنطوق بما يفيد ذلك وهو كلمة «أو بلت» مثلا.
وما ذكر من رفع اليد عن الاستقلال في التأثير وإن كان يرتفع به محذور التعارض بل موضوعه إلّا أنّه لا وجه له بعد كون التعارض بين كلّ جملة والحصر في الثانية ، مثلا إذا ورد «أكرم العلماء ولا يجب إكرام زيد العالم» فالتعارض بين ظهور «كلّ» في العموم والجملة الثانية فمقتضى الجمع العرفي هو تخصيص العموم بالخصوص بلا توقّف ، وإن كان رفع اليد عن ظهور الأمر في «أكرم» للوجوب أيضا يرفع موضوع التعارض إذ لا تعارض بين يستحبّ إكرام العلماء ولا يجب إكرام زيد العالم ، إلّا أنّه لا يصار إلى هذا التصرّف لعدم التعارض بينهما من جهة ظهور الأمر في الوجوب ، وإنّما هو من جهة العموم ، فافهم.
وفي بعض نسخ الكفاية ما يظهر منه كفاية رفع اليد عن أحد المفهومين في رفع التعارض (١) ولا يخفى ما فيه ، فإنّ بقاء مفهوم الثانية محقّق للتعارض بينها وبين
__________________
(١) انظر الكفاية : ٢٣٩.