ومقتضى الظهور اللفظي هو تعدّد التكليف ، ثمّ إذا ثبت تعدّد التكليف فهل يمتثل التكليفان بفرد واحد أم لا؟ ومقتضى الأصل العملي هنا هو عدم السقوط لاستصحابه ، إلّا أنّ الكلام في الظهور اللفظي فنقول : إنّ الظهور في المقام مختلف فإنّ متعلّقي التكليف لهذين التكليفين لا بدّ أن يكون بينهما إحدى النسب الأربعة :
فإن كانا متساويين كما إذا قال : «أكرم رجلا» ثمّ قال ثانيا بتكليف ثاني : «أكرم رجلا» بحيث إنّ هناك عقابين بمخالفتهما فمقتضى القاعدة في المقام والظهور العرفي لزوم إكرامين لهذه الطبيعة ، فبأحد الإكرامين يمتثل أحد الإكرامين ، ويبقى الواجب الثاني بغير امتثال ، وإن لم يتعيّن ما امتثل ممّا لم يمتثل لعدم المائز الواقعي بينهما والتداخل في المقام ، مضافا إلى كونه خلاف ظاهر اللفظ عرفا غير معقول ، للزوم اللغويّة حينئذ في الأمر الثاني ، إذ لو كان غرض المولى يحصل بأحد الإكرامين يكون أمره الثاني لغوا.
وإن كانا متباينين فهو أجنبيّ عن باب التداخل لعدم وحدة في الامتثال ، نعم قد يكون امتثال أحد التكليفين موجبا لسقوط التكليف الثاني لكنّه محتاج إلى بيان ، وإلّا فصرف اللفظ لا يقتضي ذلك.
وإن كان بينهما عموم مطلق كما إذا ورد : أكرم عالما ، ثمّ ورد بتكليف ثاني غير الأوّل : أكرم عالما هاشميّا ، فهنا لو أكرم أوّلا عالما غير هاشمي فلا بدّ من إكرام العالم الهاشمي بعد ذلك ، لعدم سقوط أمره. أمّا لو أكرم عالما هاشميّا فلا ريب في التداخل حينئذ ؛ لأنّه بعد أن كان الأمر الأوّل مطلقا بالإضافة إلى كونه هاشميّا وعدمه فالترخيص في التطبيق إلى المكلّف ، وقد ذكرنا أنّ الفرد الخارجي ليس بمأمور به وإنّما يكون به الامتثال ، لانطباق الطبيعة المأمور بها عليه. فإكرام العالم الهاشمي يمكن أن يكون امتثالا للأمر الأوّل وللأمر الثاني أيضا ، فينطبق كلا المأمور بهما عليه ، ولا يرد مثله في المتساويين للزوم اللغويّة المنفيّة في المقام بإمكان إكرام عالم غير هاشمي أوّلا فيكون الأمر الثاني بمحلّه.