وبالجملة : فالأقوال في المسألة كثيرة ، منها : القول بالدخول على الإطلاق ، والقول بالخروج على الإطلاق ، والتفصيل بين كون الغاية من جنس المغيّا فتدخل أو من غير جنسه فلا تدخل ، والتفصيل بين كون أداة الغاية «حتّى» فتدخل الغاية ؛ لأنّها موضوعة لإدخال الفرد الخفيّ أو «إلى» فلا تدخل الغاية ، واستقربه الميرزا النائيني قدسسره (١).
والظاهر أن لا قاعدة كلّية يمكن أن يستند إليها في دخول الغاية في المغيّا وخروجها عنه فلا بدّ من الاستناد في ذلك إلى قرائن المقام ، ومع انتفائها يحكم بإجمال اللفظ والرجوع إلى الأصل العملي. وما ذكره الميرزا النائيني قدسسره لا يخفى ما فيه فإنّ «حتّى» المستعملة في إدراج الفرد الخفيّ هي «حتّى» العاطفة كما في قولك : مات الناس حتّى الأنبياء ، وليس فيها دلالة على الغاية أصلا.
في مفهوم الحصر
لا ريب في دلالة «إنّما» على الحصر وإن اختلف في كونها كلمة برأسها أو مركّبة من «أن» و «ما». كما أنّه لا ريب في دلالة «إلّا» على الحصر حيث تكون استثنائيّة لا وصفيّة ، وتكون دالّة حينئذ على مخالفة حكم المستثنى منه للمستثنى. وهل دلالتها على الحصر مستند إليها وإنّها موضوعة لذلك مثل «إنّما» أم إنّها موضوعة لإثبات خصوصيّة في المستثنى منه تستدعي تلك الخصوصيّة تخصيص الحكم بالمستثنى منه فينتفي عن المستثنى؟ لا يترتّب على ذلك ثمرة مهمّة تستدعي البحث عن ذلك.
وقد نسب الخلاف إلى الإمام الرازي فزعم أنّ «إنّما» لا تدلّ على الحصر وقد ذكر ذلك في تفسيره في آية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٢) فإنّه بعد أن رمى كلّ سهم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٩.
(٢) المائدة : ٥٥.