في صيغ العموم
للعموم ألفاظ تخصّه مثل لفظ «كلّ» و «جميع» والجمع المحلّى باللام ، وللخصوص أيضا ألفاظ تخصّه أيضا مثل «بعض» وقد تستعمل ألفاظ العموم في الخصوص.
وقد ادّعى بعض أنّ جميع الألفاظ المفيدة للعموم موضوعة للخصوص ، لكونه قدرا متيقّنا ، ولكثرة التخصيص حتّى قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، ولأنّه يلزم أن يكون المجاز أكثر من الحقيقة (١).
ولا يخفى ما في هذا الكلام ، فإنّ كونه متيقّنا لا يقتضي وضعه له ، كما أنّ كثرة التخصيص لا تستلزم ذلك ، وكون المجاز أكثر من الحقيقة ممنوع ، إذ التخصيص المتّصل ليس اللفظ مستعملا إلّا في ذلك المقدار من أوّل الأمر ، وأمّا المنفصل فغاية ما يدلّ على أنّ الإرادة الجدّية لم تكن موافقة للظاهر ، وكيف كان فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى توضيح.
بقي الكلام في أنّ إفادة العموم في هذه الألفاظ المذكورة ـ من الجمع المحلّى باللام والنكرة في سياق النفي أو النهي ومن لفظ كلّ وجميع ـ هل هي بالوضع أم بمقدّمات الحكمة؟
ذكر صاحب الكفاية قدسسره أنّ لفظ «كلّ» و «جميع» موضوعة لعموم المدخول ولكن لا تبيّن هي أنّ مدخولها ما هو ، فإذا قيل : «أكرم كلّ رجل» احتمل إرادة مطلق الطبيعة ، واحتمل إرادة نوع خاصّ منها تأخّر بيانه إلى وقت آخر واقتضت المصلحة تأخيره ، فلولا إجراء مقدّمات الحكمة في المدخول لم يتحقّق إرادة جميع الرجال.
__________________
(١) نسب ذلك إلى بعض المرجئة ، انظر المعتمد في اصول الفقه ١ : ١٩٤ ، والعدّة ١ : ٢٧٨.