وأمّا الشبهة المصداقيّة فإن كان المخصّص متّصلا فلا قائل بالتمسّك بالعموم حينئذ ؛ لأنّ القضيّة حقيقيّة كانت أم خارجيّة إنّما تثبت الحكم على تقدير تحقّق الموضوع ، وليست متكفّلة لتحقّق الموضوع وعدمه وإنّما تجعل الحكم بعد فرض تحقّق الموضوع.
وأمّا إذا كان المخصّص منفصلا في الشبهة الموضوعيّة فقد نسب (١) إلى المشهور التمسّك فيها بالعموم استنباطا له من تتبّع بعض الفروع الفقهيّة مثل حكمهم بالضمان فيما لو تلف ملك زيد بيد من يدّعي أنّ يده ليست يدا ضمانيّة وادّعى زيد كونها يدا ضمانيّة فقد حكموا بالضمان أخذا بعموم على اليد ، والمفروض تخصيصها باليد الأمانيّة المدّعاة. وسيأتي التكلّم في هذه الفروع بعد فراغنا عن حكم هذه المسألة الاصولية ونذكر إن شاء الله أنّ للتمسّك بالضمان في هذه المسألة وما شابهها وجها آخر غير التمسّك بالعموم ؛ ومن هنا لا يمكن المساعدة على ما نسب إلى المشهور من أمثال هذه الفروع ، نظير نسبتهم (٢) ذلك إلى صاحب العروة من بعض الفروع الغير المبتنية على ذلك أيضا.
وكيف كان ، فغاية ما يمكن أن يقرّب قولهم به أن يقال : إنّ الحكم لا يتوجّه إلى المكلّف إلّا بعد إحراز كبراه وانطباقها ، فإحراز الكبرى مثل حرمة شرب الخمر مع عدم إحراز الصغرى وهو كون هذا المائع خمرا لا تجدي في تحريم هذا المائع ، كما أنّ إحراز الصغرى ككون هذا شرب تتن لا يجدي مع عدم إحراز الكبرى وهي حرمة شرب التتن ، والسرّ في ذلك أنّ الكبرى لا تجدي ما لم يتوجّه الحكم الشخصي إلى الموضوع الخارجي.
__________________
(١) انظر المصدر السابق وحكى النسبة إلى المشهور في الأجود ، انظر أجود التقريرات ٢ : ٣٢٣.
(٢) انظر العروة الوثقى كتاب النكاح ، مسألة ٥٠ ، ومباني العروة الوثقى ١ : ١١٦.