والكلام فيما إذا شك في فرد من غير جهة التخصيص
هكذا عنون صاحب الكفاية (١) هذا المبحث ، والكلام فيه يقع تارة في الكبرى ، واخرى في الصغرى.
أمّا الكلام في الكبرى فنقول : إنّ الشكّ في فرد مع إحراز انطباق عنوان العامّ عليه لا يتصوّر إلّا من جهة التخصيص مثلا إذا أحرز أنّ زيدا عالم فهو داخل في عموم «أكرم العلماء» فالشكّ فيه إنّما يكون من جهة أنّ الحكم هل اخذ لمطلق العالم ليكون زيد فردا له ، أو أنّ هذا العامّ قد خصّص فاخذ فيه عنوان «العادل» أيضا ليخرج زيد لفسقه؟ أو يشكّ فيه من جهة الشبهة المصداقيّة ، كما إذا شكّ في كونه عالما أو ليس بعالم ، أو أنّه عادل أو ليس بعادل ـ مثلا ـ مع أخذ العدالة في موضوع وجوب إكرام العالم. وقد تقدّم الكلام في الشبهة المصداقيّة ولا قائل في مثل المقام ممّا اخذ في العنوان العامّ عنوان وجودي بدليل متّصل بالتمسّك في العموم ، نعم في المنفصل تقدّم تفصيل الكلام. فلا نتصوّر لما ذكره في الكفاية صغرى لهذه الكبرى الكلّية أصلا.
وأمّا صغرى المقام فنقول : إنّ مثل الوفاء بالنذر وأمر الوالد والشرط في ضمن العقد وأشباهها ـ من العناوين الثانويّة ـ تارة يؤخذ في موضوعها أن يكون محكوما بالإباحة أو بالرجحان في العنوان الأوّلي كما في النذر حيث اعتبر فيه الرجحان أو أمر الوالد أو الشرط في العقد أو متعلّق اليمين حيث اعتبر فيه أن يكون مباحا بعنوانه الأوّلي ، فمتى علم إباحته أو رجحانه فلا ريب في تحقّق موضوعه وحينئذ فلا شكّ ، ومتى شكّ فإن كان هناك أصل عملي يقتضي الإباحة أو الرجحان أيضا تحقّق الموضوع ، ومتى لم يكن أصل يحقّق الموضوع فيكون الشكّ في تحقّق الموضوع شكّا في أصل انعقاد النذر ووجوب إطاعة الوالد أو الوفاء بالعقد للشكّ في تحقّق
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٦١.