هو بمعرف كون دينه في دفتره فلم ينحلّ بعد ومقتضاه لزوم فحص الدفتر من أوّله إلى آخره ؛ لأنّ العلم الإجمالي الثاني ذو علامة وتعيّن ، والأكثر إنّما يرفع اليد عن احتماله إذا لم يكن طرفا لعلم إجمالي آخر كما في المقام (١).
أقول : إنّ العلم الإجمالي الثاني إن كان دائرا بين الأقلّ والأكثر أيضا فلازمه الانحلال كالأوّل.
مثاله : أن نعلم علما إجماليّا بنجاسة أحد الإناءات العشرة لوقوع قطرة بول قطعا في أحدها ولنا احتمال وقوعها في الأكثر من إناء واحد ولنا علم إجمالي آخر بأنّ إناء زيد نجس ونحتمل أن يكون لزيد إناءان بعد العلم بوجود إناء له فإذا علمنا بأنّ هذا هو إناء زيد وأن به وقعت قطرة البول ، فبالإضافة إلى كلّ من العلمين الإجماليين ينحلّ العلم الإجمالي إذا الآن يشكّ في نجاسة غير هذا الإناء شكّا بدويّا إذ ليس هذا الإناء الآن من أطراف العلم الإجمالي الأوّل ولا الثاني.
نعم لو كان العلم الإجمالي الثاني الذي هو ذو علامة وتعيّن غير مردّد بين الأقلّ والأكثر لم يوجب انحلال ما تردّد بين الأقلّ والأكثر انحلاله ؛ لأنّ الانحلال من الجهة الاولى لا يوجب الانحلال من الجهة الثانية ، مثاله : أن يعلم إجمالا بوجود إناء زيد النجس فيما بين هذه الإناءات العشرة ثمّ يعلم بقطرتي بول قد وقعتا في إناء واحد من هذه العشرة أو في إناءين ثمّ يفحص فيعلم أنّ هذا الإناء مثلا قد وقعت فيه قطرة بول قطعا فهنا ينحلّ العلم الإجمالي الثاني المردّد بين الأقلّ والأكثر ، فمن حيث قطرتي البول لا يجب الاجتناب إلّا أنّ الانحلال من هذه الجهة لا يوجب الانحلال من جهة كون إناء زيد النجس هو أحد الأطراف.
(نعم لو احتمل كون هذا الإناء هو إناء زيد نقول بالانحلال ؛ لأنّ العلم الإجمالي الثاني بنفسه لا يوجب التنجّز ، وإنّما يوجبه تساقط الاصول في أطرافه فمع فرض
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩.