ولا يخفى أنّ ما ذكره متين من حيث الكبرى الكليّة إلّا أنّ الكلام في الصغريات ، ومن هنا يقع الكلام تارة في مفهوم الموافقة ، واخرى في مفهوم المخالفة.
أمّا مفهوم الموافقة فقسمان : أحدهما مفهوم الأولويّة ، والآخر مفهوم المساواة. أمّا مفهوم الأولويّة فقسمان :
أحدهما : ما يفهم من نفس ظهور الكلام عرفا بحيث يفهم كلّ أحد أنّ الشيء الفلاني أولى في الحكم من المذكور في المنطوق مثل (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) فإنّ كلّ من يسمع هذا اللفظ وترجمته يحكم بتحريم الضرب والشتم بالأولويّة المستفادة من نفس هذا الخطاب.
الثاني : ما إذا كانت الأولويّة من المدركات العقليّة القطعيّة مثل تحريم سبّ نبيّنا صلىاللهعليهوآله من تحريم سبّ الأئمّة عليهمالسلام فإنّ العقل يقطع بأنّ تحريم سبّهم عليهمالسلام إنّما هو من جهة احترامهم المقتضي بالأولويّة تحريم سبّ النبيّ ؛ لأنّ المقتضي لاحترامه أقوى. وهذا حيث تحرز الأولويّة بنحو القطع واضح ، وإن لم يقطع بها فهو الاستحسان وليس من طريقتنا العمل به ، نعم هو طريقة العامّة فإنّ ديننا لا يدرك بعقول الرجال.
وأمّا مفهوم المساواة فقسمان :
أحدهما : ما نصّ فيه على علّة الحكم ، وهل يفرق فيه بين ما كان وسطا في ثبوت الحكم وهو التعليل الذي يكون كافلا بتشكيل صغرى وكبرى كلّية وانطباق المورد الذي هو صغرى تلك الكبرى الكلّية مثل لا تشرب الخمر لأنّه مسكر ، وبين ما لم يكن كافلا بذلك مثل لا تشرب الخمر لإسكاره أم لا يفرق بينهما؟ ذهب الميرزا النائيني إلى الأوّل فعمّم الحكم إلى جميع موارد العلة في الأوّل دون الثاني
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.