وفي قولك : الإنسان نوع ، وفي قولك : الإنسان العالم خير من الجاهل ، وفي قولك : الإنسان ضاحك بالقوّة واحد. وإذا كان الإطلاق في الجميع واحدا فهو علامة أنّ هذا الإطلاق في الجميع واحد ، فلا بدّ من كونه موضوعا لمعنى يشمل جميع هذه الإطلاقات ، وليس إلّا الماهيّة من حيث هي التي تكون معروضة إلى هذه اللحاظات الخمسة بمعنى الجامع بين هذه المعاني المذكورة ، فافهم.
في علم الجنس ، كأسامة ، والمراد به ما اقتضى تعيّن الطبيعة في الذهن من بين بقيّة الطبائع وباعتبار هذا التعيّن سمّي علما وأجرت النحاة عليه أحكام المعارف ، وقد أشكل الآخوند قدسسره على المشهور الذاهبين إلى وضعه للطبيعة بما هي متعيّنة بالتعيين الذهني بأنّه عليه لا يصدق على ما في الخارج ولا معنى لوضع الواضع لفظا لا ينطبق على الخارج ، بل يستحيل (١).
ويقع الكلام تارة في الإمكان ، واخرى في الوقوع.
أمّا الإمكان فالظاهر أنّ الوضع لهذا المعنى ليس فيه محذور أصلا ؛ لأنّ هذا اللحاظ الذهني ليس قيدا للمعنى ولا جزءا له ، وإنّما ذكر في الكلام معرّفا ومشيرا إلى الطبيعة ، نظير ما إذا قال المولى : «أكرم من علمت أنّه تقيّ» فهل يمكن أن يقال : إنّ هذا تكليف بما لا يطاق ؛ لأنّ العلم بالتقى مثلا قيد لموضوع الإكرام وإذا كان قيدا له استحال تحقّقه في الخارج ؛ لأنّ العلم إنّما يكون في الذهن؟ وكذا إذا قال : أكرم من عرفته مثلا. وحينئذ فالقيد باللحاظ يعني لحاظ التعيّن ذهنا إنّما اخذ معرّفا وفانيا في المعنى ومشيرا إليه ، وحينئذ فلا مانع من وضع علم الجنس للطبيعة بما هي متعيّنة بالتعيين الذهني.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٨٣.