وكيف كان فالتنوين في النكرة مفيدة للوحدة ، وقد يسدّ مسدّ تنوين التمكّن ، فإنّ بين تنوين التمكّن الذي جيء به لإفادة تمكّن اللفظ وإقراره في المحاورة العرفيّة وتنوين التنكير الذي جيء به لإفادة الوحدة عموما من وجه ، ففي مثل زيد وعمر التنوين ليأخذ اللفظ قراره في المحاورة ، وفي مثل صه وغيرها من أسماء الأفعال للتنكير ، وفي مثل النكرة يكون تنوين التنكير كما في «أعطه درهما» ويكون اللفظ بسببه قد أخذ قراره من المحاورة. وحيث إنّ الكلام في المطلق وهو الطبيعة المبهمة كما تقدّم. فالنكرة مرسلة ، وكذا اسم الجنس ، وكذا زيد بلحاظ حالاته ، وكذا الماهيّة اللابشرط القسمي ، فإنّها أيضا مطلقة بمعنى كون الجميع مصداقا للمطلق.
[تقييد المطلق هل يستلزم المجاز أم لا؟]
ثمّ إنّ تقييد المطلق هل يستلزم المجازيّة أم لا؟ أقوال ، ثالثها : التفريق بين المنفصل فالأوّل ، والمتّصل فالثاني (١) وهذا التفصيل سخيف ، فإنّ المطلق إن كان هو اللابشرط القسمي فاستعماله في الطبيعة المقيّدة يلزم أن يكون مجازا ؛ لأنّ الطبيعة التي اخذ فيها عدم التقيّد مباينة لما اخذ فيها التقيّد. وإن كان المطلق هو الماهيّة الغير المشروطة بشيء أصلا التي هي الجامع بين أقسام الماهيّة كان حقيقة ؛ إذ اللفظ مستعمل في نفس الطبيعة والقيد مستفاد من دالّ آخر. نعم لو استعمل اللفظ في المقيّد وكان ذكر القيد لبيان أنّه اريد القيد من اللفظ ـ يعني لفظ النكرة ـ كان مجازا ، لكنّه خلاف المتفاهمات العرفيّة ، فافهم.
__________________
(١) في المسألة أقوال ثلاثة :
القول الأوّل : إنّ التقييد لا يوجب مجازا في المطلق. وهو الذي نسب إلى سلطان المحقّقين والشيخ الأنصاري والنائيني وغيرهم. انظر المطارح ٢ : ٢٤٩ ، وأجود التقريرات ٢ : ٤٣٩.
والقول الثاني : إنّه يوجب المجاز ، ذهب إليه المحقّق القمي في القوانين ١ : ٣٢٥.
والقول الثالث : التفصيل بين التقييد بالمتّصل والمنفصل كما هو في المتن وهو الذي ذهب إليه القزويني في ضوابط الاصول : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.